Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { الۤر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ } إلى قوله { ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } قد تقدم الكلام في { الۤر } والمعنى : هذا الكتاب أنزلناه إليك يا محمد ، لتخرج به الناس من الضلال إلى الهدى . فالكفر بمنزلة الظلام ، والإيمان كالنور . وهذا يدل على إرسال محمد عليه السلام ، إلى جميع الخلق لقوله : { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } ، ولم يقل لتخرج بني إسماعيل ، كما قال ( في ) التوراة { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ السجدة : 23 ] . ولم يقل للناس ، وقال في الفرقان : { لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [ الفرقان : 1 ] ، ولم يقل للعرب . وقال لموسى عليه السلام { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ } [ إبراهيم : 5 ] ، ولم يقل للناس كما قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } [ سبأ : 28 ] ، ولم يقل : للعرب . وقوله : { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } : أي : يخرجهم بإذن ربهم ، أي : بتوفيقه لهم ولطفه ، وأمره إذ لا يهدى أحد إلا بإذنه . ثم بين النور ما هو فقال : { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } : أي : إلى طريق الله ، عز وجل المستقيم ، وهو دينه الذي ارتضاه لخلقه . " والحميد " : فعيل مصروف من " مفعول " المبالغة ، ومعناه : المحمود بآلائه . وأضاف الإخراج إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( لأنه ) المنذر المرسل بذلك . و ( الله ) ، ( عز وجل ) هو المخرج لهم ، والهادي على الحقيقة . ثم بين العزيز الحميد من هو ؟ فقال : { ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : وهو الذي يملك جميع ما في السماوات ، وجميع ما في الأرض . فأعلم الله ، ( عز وجل ) نبيه صلى الله عليه وسلم أنه إنما أنزل عليه كتاب ليدعو به عباده إلى عبادة من هذه صفته ، ويتركوا عبادة من لا يملك ضراً ولا نفعاً . ثم توعد الله ( عز وجل ) ، من لا يؤمن بما جاء ( بـ ) ـه نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } : وقد تقدم بيان معنى ( ويل ) . وأكثر المفسرين على أن ويلاً واد في جهنم ، فيه عقارب كالنجب ، وفيه ألوان من العذاب . ثم بين صفة الكافرين ، فقال : { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } أي : يختارون زينة الحياة الدنيا ، فيعصون الله ، ويتركون طاعته ، وهم مع ذلك { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } : أي : يمنعون من أراد الإيمان بالله ، ( عز وجل ) واتباع رسوله . { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } : أي : يلتمسون العوج لدين الله ، ( سبحانه ) ، والتحريف والتبديل بالكذب والزور . ونصبه لأنه مصدر في موضع الحال . وقيل : هو مفعول به ، وحرف الجر ، مقدر مع المفعول المتصل . والتقدير : ويبغون لها عوجاً ، والعوج بكسر / العين ، وفتح الواو في الدين والأرض ، وكل ما لم يكن قائماً ، وبفتح العين والواو : فيما كان قائماً مثل الحائط ، والرمح ، والسن . { أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } ، أي : هؤلاء المذكورون في ذهاب عن الحق بعيد .