Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 4-6)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ } إلى قوله { ( مِّن رَّبَّكُمْ ) عَظِيمٌ } : المعنى : وما أرسلنا رسولاً إلا بلغة قومه ليفهموا عنه ، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم ، بلغة سعد ابن بكرٍ بن هوازن : وهي أفصح اللغات . فالمعنى : وما أرسلنا إلى أمة من الأمم من قبل محمد ( صلى الله عليه وسلم من رسول ) إلا بلسان الأمة التي أرسل إليها ، ليبين لهم ما أرسله الله به إليهم من أمره ونهيه ، لتقوم الحجة عليهم ، ولا يبقى لهم عذر . فيوفق الله من يشاء إلى الإيمان ، ويخذل من يشاء فيبقى على كفره . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } : أي : الممتنع ممن أراده ( ولا يمتنع عليه أحد ) [ إن ] أراد خذلا ( نه ) ، لأنه الحكيم في توفيقه للإيمان من أراد أن يوفقه . فإن قيل : فيجب ألا تلزم الحجة من كان من العجم ، لأنهم لا يفهمون لسان العرب ، فالجواب : أنه إذا ترجم ما جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ، وفهموا الدعوة لزمتهم الحجة ، لقوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً } [ سبأ 28 ] ، ولقوله : { ( لأُنذِرَكُمْ ) بِهِ وَمَن بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] ولقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] . فكل من بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفهم ما دعاه إليه ( يأتي يساره إن ) لزمته الحجة ، ودخلت تحت قوله { وَمَن بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] وتحت قوله : { كَآفَّةً لِّلنَّاسِ } [ سبأ : 28 ] . ثم قال تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ ( مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ ) } : قوله : { أَنْ أَخْرِجْ } " أن " في موضع نصب على تقدير حذف ( حرف ) الجر . والتقدير : بأن أخرج . ( وقيل : " أن " زائدة ، ومثله : كتبت إليه أن قم ) : ومعنى الآية { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ } من قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، بالأدلة والحجج ، والآيات ، وهي التسع آيات المذكورة في القرآن . بأن يخرج قومه من الكفر إلى الإيمان ، ويذكرهم : { بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } : أي : بنعم الله عليهم في الأيام الخالية ، إذ أنقذهم من آل فرعون ، ومما كانوا فيه من العذاب ، وإذ فلق لهم البحر ، وظلّل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المنَّ والسلوى في أشباه لهذا من النعم . قاله مجاهد ، وقتادة . ( وكذلك رواه ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : بأيام الله : بنعم الله ) . قال مالك ، ( رحمه الله ) { بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } : ببلاء الله الحسن عندهم ، وأياديه . وقال ابن زيد : المعنى : وذكرهم بالأيام التي انتقم الله ، عز وجل فيها من الأمم الماضية ، فيتعظوا ، ويزدجروا ، ويخافوا أن يصيبهم مثل ما أصاب من كان قبلهم ، ودل على ذلك قوله بعد الآية : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } [ إبراهيم : 9 ] ، ثم قال : { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } : والمعنى : إن في النعم التي مضت على الأمم الخالية ، وأن في النعم التي أنعم عليكم لعلامات ظاهرة ، لكل ذي صبر على / طاعة الله عز وجل وشكر له على ما أنعم عليه من نعمه ، ( جلت عظمته ) . وقال قتادة عند تلاوة هذه الآية : " نِعْم العبدُ عبدٌ إذا ابتلي صبر ، وإذا أعطي شكر " . ثم قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱذْكُرُواْ } : أي : واذكر يا محمد ! إذ قال موسى لقومه : { ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } : ( أي ) : يذيقونكم شديد العقاب . وقد يجوز ( مع ذلك ) أبناءكم ، ودخلت الواو مع " ويذبحون " ، لتدل على آل فرعون كانوا يعذبون بني إسرائيل بأنواع العذاب ( غير ) التذبيح . وروي أن فرعون كان يذبح كل غلام ، ويستحي النساء ، وكانت الحوامل عنده مدونات ، والقوابل يغدون عليهن ويرحن . وعندهم رجال قد شدوا أوساطهم ، وجعلوا فيها السكاكين التي يذبحون بها الولدان . وأيديهم مخضبة بالدماء . ثم قال ( تعالى ) : { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } : أي : اختبار لكم من ربكم . ويكون البلاء هنا النعمة ، فيكون المعنى : ( إن ) في إنجائه إياكم نعمة عظيمة . وقيل : المعنى : وفيما جرى عليكم بلية عظيمة .