Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 27-31)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ } - إلى قوله - { وَلاَ خِلاَلٌ } . ومعناه : يثبت الله الذين آمنوا به وبرسله وكتبه بقوله لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله : أي : يثبتهم ( بذلك في الحياة الدنيا : أي : في قبورهم قبل قيام الساعة . { وَفِي ٱلآخِرَةِ } : قال البراء بن عازب : يثبت الله الذين آمنوا بالشهادة في القبر ، إذ أتاهم الملكان ، فقالا : من ربك ؟ فيقول ربي ( الله فيقولان ) ما دينك ؟ فيقول : دينـ ( ـي ) الإسلام ، فيقولان من نبيك ؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وسلم : فذلك القول الثابت في الحياة الدنيا . وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا الإنسان دفن ، وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مِطْرَاقٌ ، فأقعده فقال ( له ) : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمناً : قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . فيقول له : صدقت . فيفتح له باب إلى النار ، فيقال ( له ) : هذا منزلك لو كفرت بربك . فأما إذ آمنت ، فإن الله أبدلك به هذا ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيريد أن ينهض فيقال له : اسكن ، ثم يفسح له في قبره . وأما الكافر / ، والمنافق ، فيقال له : ماذا تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، فيقال له : لا دَرَيْت ، ولا تدريت ولا اهتديت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت ، فإن الله عز وجل أبدلك به هذا . ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقمَعُهُ الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم ، إلا الثقلين . فقال ( له ) بعض أصحابه : يا رسول الله ما منا أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا يفشل عند ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } " الآية . ولهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ زائدة على ما ذكرنا ، وناقصة ( عن ) ما ذكرنا ، والمعنى فيها قريب من الآخر . وقيل : معنى الآية : يثبتهم الله في الحياة على الإيمان ، حتى يموتوا عليه { وَفِي ٱلآخِرَةِ } المساءلة في القبر ، قاله طاووس ، وقتادة وهو اختيار جماعة من العلماء . ومعنى { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ } : أي : لا يوفقهم في الحياة الدنيا إلى الإيمان ، ولا في الآخرة عند المساءلة في القبر . وقوله : { وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } : أي : بيده الهداية والضلالة يضل من يشاء فلا يوفقه ، ويهدي من يشاء فيوفقه . ثم قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً } : أي : غيّروا نعمة الله ، وهي كون محمد صلى الله عليه وسلم من قريش وإرساله إليهم ، فجعلوا النعمة كفراً . قيل : نزلت في قتلى بدر من المشركين . وقيل : في كفار قريش كلهم . قوله : { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } : أي : أنزلوا قومهم من مشركي قريش دار الهلاك . يقال : بار الشيء : إذا هلك ، ثم بينها فقال : { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } : أي : بئس المستقر لمن صلاها . ووقيل : نزلت في المشركين يوم بدر قاله ابن عباس . { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } : يعني : الذين اتبعوهم . وقيل : نزلت في أهل مكة عامة : أسكنهم الله عز وجل حرمه ، وآتاهم نعمه ، وجعلهم قوام بيته . فبدلوا ذلك كفراً . ثم قال تعالى : { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } : أي : جعل هؤلاء الذين بدلوا نعمة الله كفراً ( لله ) أنداداً : أي : شركاء . ( { لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ } ) لكي يضلوا الناس عن سبيل الله . أي : عن الإيمان بالله ، وعن إخلاص العبادة لله . ومن فتح الياء من " ليَضلوا " فالمعنى : أنه لما آل أمرهم إلى الضلال كانوا بمنزلة من فعل ذلك ليضل عن سبيل الله . قال ابن مسعود : كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون نُصُباً ، يعني : تمثالاً ، تعبدها قريش من دون الله : فهي الأنداد . ثم قال تعالى : { قُلْ تَمَتَّعُواْ } : أي : قل لهم يا محمد ! تمتعوا في هذه الحياة الدنيا ، وهذا على طريق التهدد ، والوعيد . { فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } : أي عاقبتكم إلى النار تكون . وقيل : معناه : إن الكافر لو كان في الدنيا مريضاً سقيماً ، طول عمره لا يجد ما يأكل ولا ( ما ) يشرب لكان ذلك نعيماً عندما يصير إليه / من عذاب الآخرة . ولو كان المؤمن في الدنيا لا يعرض له سقم ، ولا مرض طول عمره ، يتنعم بأنعم ما يكون من مأكول ( في ) الدنيا ، ويلبس أحسن ما يكون من اللباس لكان ذلك بؤساً عندما يصير إليه من نعيم الآخرة . ثم قال تعالى : { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } : ومعناه : قل يا محمد ! لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلوات الخمس بحدودها . { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } : أي : مما خولناهم : يعني : الزكاة . سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ، أي : لا يباع ما وجب عليه من العقاب بفدية ( ولا عوض ) . قال أبو عبيدة : البيع هنا : الفدية . وقوله : { وَلاَ خِلاَلٌ } : أي : ولا مخالة خليل ، فيصفح عمن استوجب العقوبة لمخاللته . والخلال مصدر خاللته ، قاله الأخفش . ( و ) الخلال جمع خلة ، وهو بمعنى : الصداقة . وقال ابن عباس : { يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } يعني : الصلوات الخمس ، { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } : يعني : زكاة أموالهم .