Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 23-26)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } - إلى قوله - { مِن قَرَارٍ } . المعنى : وأدخل الذين آمنوا بالله ورسله وكتبه وعملوا الأعمال الصالحات { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } : أي : بساتين تجري دونها الأنهار . { خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } : أي : ماكثين فيها أبداً بأمر ربهم . { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } : يعني : الملائكة يسلمون عليهم فيها . فالضمير في تأويل مفعول لم يسم فاعله . أي : يحيون بالسلام ( يعني الملائكة يسلمون ) : ( ويجوز ) أن يكون الضمير فاعلاً ، والمعنى : ويحيي بعضهم بعضاً بالسلام . ثم قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } / ، ( أي ) : ألم تر بعين قلبك يا محمد ، كيف ضرب الله مثلاً للإيمان ( به ) : ومثلاً للكفر به . فجعل مثل المؤمن في نطقه بالتوحيد ، والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم ، وأتباع شريعته ( جلت عظمته ) : مثل الشجرة ( الطيبة ) . فنفعُ الإقامة على توحيده ، كنفع الشجرة التي لا ينقطع نفعها في كل حين ، وهي النخلة . قال ابن عباس ( رحمه الله ) : { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } : يعني أن شهادة ( أن ) لا إله إلا الله ، { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } ، هي المؤمن ، أصلها ثابت : هو قول لا إله إلا الله . ثابت في قلبه { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } أي : يرتفع بها عمل المؤمن في السماء . وقال مجاهد : { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ } : يعني : النخلة . وقيل : الكلمة الطيبة أصلها ثابت ، هي ذات أصل في القلب ، يعني التوحيد . { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } يُعرج بها فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله ، عز وجل . وقال ابن عباس أيضاً ، ( رحمه الله ) : في رواية أخرى عنه : الشجرة الطيبة : المؤمن ، والأصل الثابت : في الأرض ، ( والفرع ) : في السماء : يكون المؤمن يعمل في الأرض ، ويتكلم فيبلغ عمله ، وقوله السماء ، وهو في الأرض . وقال عطية العوفي : ذلك مثل المؤمن ، لا يزال يخرج منه كلام طيب ، وعمل صالح ، يصعد إلى الله عز وجل . وقال الربيع بن أنس : { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض : ذلك المؤمن ضرب مثله . وقيل : معنى : وفرعها في السماء : بركتها وثوابها لمعتقدها صاعد إلى الله ( عز وجل ) ، وهي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله . وقيل : معنى ( أصلها ثابت ) : ( أي ) شهادة أن لا إله إلا الله ( محمد رسول لله ) ثابتة في القلب المؤمن ، { وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } : أي : يرتفع بها أعمال المؤمن إلى السماء . ( و ) قال : مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، وابن جبير ، وابن عباس : الشجرة هنا النخلة . وعن الضحاك أنه قال : هذا مثل ضربه الله ( عز وجل ) : ، للمؤمن يطيع الله بالليل ، ويطيعه بالنهار ، ( و ) يطيعه : كل حين ، ( كما ) : أن هذه الشجرة تؤتي أكلها كل حين . وقوله : { كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } : مثل الكافر عمله خبيث ، وجسده خبيث ، وروحه خبيث . وليس لعمله قرار في الأرض ، ولا يصعد إلى السماء . وقيل : الشجرة هنا : شجرة في الجنة ، روي ذلك عن ابن عباس ، رضي الله عنه . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " هي النخلة " ومعنى كل حين : كل غدوة وعشية في أحد قولي ابن عباس على أنها شجرة في الجنة . وقيل : كل حين : كل وقت ، وهو المؤمن يطيع الله ، ( عز وجل ) : بالليل والنهار ، وفي كل وقت . وقال الربيع بن أنس ( رحمه الله ) : ( كل حين ) : كل وقت يصعد عمل المؤمن من أول النهار وآخره . وقيل : الحين هنا : ستة أشهر ، من حيث تُصرْمُ النخلة إلى حين تُطْلِع وذلك ستة أشهر . وقيل : الحين : سنة ، وذلك من حين تُصرْمُ النخلة / إلى حين تصرم . وقال سعيد بن المسيب : الحين : شهران ، وهو ما دام التمر في النخل ، وذلك شهران . واختلفوا في رجل حلف ألا يكلم رجلاً إلى حين ، وألا يدخل الدار إلى حين ، على مثل ما اختلفوا في الآية . والحين عند أهل اللغة : اسم للوقت ، يصلح لجميع الأزمان كلها طالت ، أو قصرت . واختيار الطبري قول من أن الحين غدوة وعشية ، وكل ساعة ، على أن الشجرة شجرة في الجنة ، لأن الله ( عز وجل ) ضرب ما تؤتى هذه الشجرة كل حين من الأكل لعمل المؤمن ، وكلامه مثلاً . ولا شك أن المؤمن يرتفع له إلى الله ، عز وجل ، في كل يوم عمل صالح . واختار النحاس أن يكون الحين سنة ، على أن الشجرة : النخلة ، تؤتي ثمرها من سنة إلى سنة . والحين عند مالك ، ( رحمه الله ) : سنة ، ولو نذر رجل أن يصوم حيناً ( لصام ) سنة وهو قول مجاهد . وقال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأصحاب الرأي : الحين ستة أشهر ، فمن نذر صوم حين ، صام ستة أشهر . وقال الشافعي : ليس عليه في نذره شيء ، ولا يحنث في ترك الصوم ، ولا يلزمه نذر . لأن الحين يكون مدة الدنيا كلها . ثم قال تعالى : { مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } ، معناه : ومثل الشرك بالله ، سبحانه وهي الكلمة الخبيثة : كشجرة خبيثة ، وهي : الحنظلة ، قالـ ( ـه ) مجاهد ، وأنس بن مالك وروي عن ابن عباس . ومعنى : { ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } ، أي استؤصلت . ومعنى : { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } : أي : ليس من أصل في الأرض تثبت عليه وتقوم . فليس لكفر الكافر ومعصيته ثبات ، ولا نفع . كما أن هذه الشجرة ليس لها أصل ، ولا ثبات ولا نفع . وقيل : الشجرة الخبيثة : الثوم : وقيل : الكثوث .