Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 35-36)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِناً } - إلى قوله - { غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . المعنى : واذكر يا محمد ! إذ قال إبراهيم : رب اجعل مكة ( بلداً ) آمناً ، سكانه وأهله . فهذا إشارة إلى البلد ، والبلد نعت لهذا ، أو عطف بيان . و " آمنا " مفعول ثان لجعل . ثم قال تعالى حكاية عن قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا محمد وسلم : { وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } : أي : اجعلني وإياهم جانباً عن عبادتها . وقيل : معناه أنقذني ، وإياهم من عبادة الأصنام . والصنم : التمثال المصور ، فإن لم يكن مصوراً فهو وثن . قال مجاهد : أجاب الله ، جل ذكره ، دعوة إبراهيم في ولده ، فلم يعبد أحد منهم صنماً . ثم قال تعالى ، ذكره : { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ } : أي إن الأصنام أضللن كثيراً من الناس عن طريق الهدى والحق ، حتى عبدوهن فكفروا بك . وأضاف الفعل إلى الأصنام على ما تعرف العرب من مخاطبتها . يقول العرب : أفتنتني الدار ، والمعنى : استحسنتها . فالمعنى : إنه افتتن ( كثير ) من الناس بهن ، أي : استحسنهن كثير من الناس ، أي : استحسن عبادتهن كثير منهم . { فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي } ، أي : من تبع ما أنا عليه من الإيمان بالله ، ( عز وجل ) ، وإخلاص العبادة ( له فهو مني ) : أي : من أهل ديني . { وَمَنْ عَصَانِي } فخالف أمري { فَإِنَّكَ غَفُورٌ } لذنوب المذنبين . أي : ستار لها إذا تابوا منها بالإيمان . وهذا قريب من قول عيسى صلى الله عليه وسلم : { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } [ المائدة : 118 ] - الآية - : أي : إن تغفر لهم ذنوبهم بعد توبتهم وإيمانهم . ( وفي ) ذلك أقوال غير هذا ، قد ذكرتها في المائدة . وغير جائز أن يتأول أحد أن المغفرة ترجى لمن مات على كفره ، لقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 48 ، 116 ] ، ولقوله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً } [ آل عمران : 91 ] - الآية - وهو كثير في القرآن ، فلا يَيْأَس من مغفرة الله لعبدٍ مع الإيمان ، ولا ترجى مغفرة لعبدٍ من الكفر . وقوله : رحيم : أي : رحيم بعبادك إذا آمنوا قبل موتهم .