Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 47-51)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } - إلى قوله - { سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } ، والمعنى : ولا تحسبن الله يا محمد مخلف رسله ، وعده الذي وعدهم من عقوبة من كذبهم تثبيتاً منه تعالى لنبيه ، عليه السلام ومعلماً ، له به أنه سينزل سخطه على من كذبه . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } : أي : إن الله لا يمتنع منه شيء أراد عقوبته { ذُو ٱنْتِقَامٍ } لمن كفر به وكذب رسله . ثم أخبرنا تعالى ، متى يكون هذا الانتقام ، فقال { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } : أي : ينتقم من الظالمين في هذا اليوم . ومعنى { تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ ( غَيْرَ ٱلأَرْضِ ) } : أي تصير هذه الأرض أرضاً بيضاء ، كالفضة لم يسفك عليها دم ، ولا عمل عليها خطيئة ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر حفاة ، عراة ، قياماً ، كما خلقوا حتى يلجمهم العرق . قاله ابن مسعود ، وأنس بن مالك ، ومجاهد ، والحسن . وقال الحسن ( رحمه الله ) في حديثـ ( ـه ) : والسماوات أيضاً كالفضة وعن عبد الله بن مسعود أنه ، قال : تبدل الأرض ناراً يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها . والذي نفس عبد الله بيده : إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترسخ في الأرض قدمه ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب . فقالوا : ( مم ) يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : مما الناس يلقون . وقال : ( و ) أولياء الله في ظل عرش الله . والذي نفس عبد الله بيده : إن جهنم / لتنظف على الناس ، مثل الثلج حين يقع من السماء ، والذي نفس عبد الله بيده إن عرقه ليسيح في الأرض تسع قامات ، ثم يلجمه ، وما ناله الحساب من شدة ما يرى الناس ( و ) يلقون . وقال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : تبدل الأرض من فضة ، والجنة من ذهب . وقال ابن جبير : تبدل الأرض خبزة بيضاء ، يأكل المؤمن من تحت قدميه . وكذلك ذكر محمد بن كعب القرظي ( رحمه الله ) . وكذلك قال أبو جعفر بن محمد بن علي ، ( نضر الله وجهه ) : تبدل الأرض خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة ، ثم قرأ { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } [ الأنبياء : 8 ] . وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : تبدل الأرض بأرض من فضة ، لم يعمل فيها الخطايا . وقيل : تبديل الأرض : هو تسيير جبالها ، وتهجير بحارها ، وكونها مستوية : { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } [ طه : 107 ] ، وتبدل السماوات : انتثار كواكبها ، وانفطارها ، وانشقاقها ، وتكوير شمسها ، وخسوف قمرها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ، ويمدها مد الأديم العُقاظي ، لا ترى فيها عوجاً ، ولا أمتأً ، ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى . ما كان في بطنها كان في بطنها ، وما كان على ظهرها كان على ظهرها . وذلك حين تطوى السماوات { كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } ثم يدحوهما ثم يبدلهما " . " وسألت عائشة ، رضي الله عنها ، النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إذا بدلت الأرض غير الأرض والسماوات ، وبرزوا لله الواحد القهار . أين الناس يومئذ ؟ قال : على الصراط " . ومعنى { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } : وخرجوا من قبورهم أحياء لموقف الحساب بين يدي الله ( عز جل ) . { ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي : المنفرد بالقدرة على خلقه ، الذي يقهر كل شيء . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : يجمع الله الخلائق كلهم في صعيد واحد ، لأرض بيضاء ، لم يعص الله فيها قط ، ولم يخطأ فيها خطيئة . فأول ما يتكلم أن ينادي منادٍ : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [ غافر : 16 ] ؟ ، ثم يقول الله الواحد القهار : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [ غافر : 17 ] . وعن علي ( رضي الله عنه ) أنه قال : تبدل الأرض ( بأرض ) من فضة ، والجنة من ذهب . وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : بلغنا ، والله أعلم ، أن الأرض تبدل بأرض بيضاء ، لم يعمل عليها معصية ، ولم يسفك عليها دم حرام . ثم قال تعالى : { وَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي ٱلأَصْفَادِ } : أي : وترى يا محمد الذين اجترموا في الدنيا الشرك بالله ( مقرنين : أي ) مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم . { فِي ٱلأَصْفَادِ } : أي : في الوثاق ، من غل وسلسلة ، أو قيد . وأحدها صفد كحبل . أو صفد كعدل والصفاد : القيد . / وعن ابن عباس ، رضي الله عنه : الأصفاد : الكبول ، يعني القيود . وعنه أيضاً ( رضي الله عنه ) : الأصفاد : السلاسل . قال الضحاك : ( رحمه الله ) الأصفاد : السلاسل . وقال قتادة ( رحمه الله ) : هي القيود ، والأغلال . وقال الحسن : ما في جهنم واد ، ولا مغارة ، ولا قيد ، ولا سلسلة إلا واسم صاحبه عليه مكتوب . ثم قال تبارك ( و ) تعالى : { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } : أي قمصهم التي يلبسونها ، واحدها سربال . من قطران : قال الحسن ( رحمه الله ) : هو قطران الإبل ، ويقال قَطَرَان وقِطرَان بفتح القاف وكسرها . وقرأ مجاهد ، رحمه الله ، قطران ( عليه ) نحاس ، ومثله عن ابن عباس . وعن ابن عباس ، وعكرمة ، ( رحمة الله عليهما ) ، إنهما قرآ : ( من ) قِطْرٍ آنٍ : أي : من نحاس قد انتهى حره في الشدة ، وقد قالوا قطران في الواحد ، ولو جمع قطران ، لقيل : قطارين كضربان وضرابين . ثم قال تعالى : { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } : أي : " تلفح وجوهه النار فتحرقها . { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } : أي : ما كسبت من الأثام في الدنيا ( أ ) ومن الحسنات . { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } : أي عالم بعلم كل عامل ، لا يحتاج في إحصاء أعمالهم إلى معاناة وحساب . قد أحاط بها علماً .