Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-22)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } إلى قوله { بِخَازِنِينَ } . والمعنى : والأرض مددناها فبسطناها ، لأنه قال : في موضع آخر { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [ النازعات : 30 ] . ومن تحت [ الـ ] ـبيت الحرام دحيت الأرض . { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } أي : في ظهرها جبالاً ثابتة . { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا } أي : في الأرض { مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } . وقال ابن عباس " موزون " معلوم . وقال مجاهد : مقدر ، أي : لا يزيد على قدرة الله ولا ينقص كأنه موزون . وقال عكرمة : مقدور . وقال ابن زيد : " موزون " عني به الأشياء التي توزن . يعني : ما في الجبال من معادن الذهب والفضة والرصاص وغير ذلك مما يوزن . فكأنه قال : أنبتنا فيها من كل شيء يوزن كالفضة والذهب والحديد والرصاص والزعفران والعُصْفُر وغير ذلك مما يباع بوزن . ثم قال تعالى : { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } . أي : جعلنا لكم في الأرض معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقين يعني الإِماءَ والعبيد . فيكون " من " في موضع نصب عطف على المعايش . وقيل : { مَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يعني : به الدواب والأنعام ، وهو قول مجاهد . و " من " على هذا القول : لما لا يعقل وهو قبيح بعيد . وقيل : عني به الوحش . و " من " لما لا يعقل أيضاً . وقيل : " من " في موضع نصب عطف على معنى { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ } لأن معناه : أنعشناكم " ومن لستم " أي : وأنعشنا من لستم له برازقين . وقيل : هي في موضع خفض عطف على لكم ، وهو مذهب الكوفيين ، ولا يجيزه البصريون . وقيل : معنى { وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يراد به : العبيد والاماء والدواب والوحش ، فلما اجتمع من يعقل ، وما لا يعقل ، غلب من يعقل فأتى بمن . وهذا القول : حسن ، ويكون " من " في موضع نصب حملاً على المعنى على ما تقدم . وقيل : المعنى جعلنا لكم في الأرض معايش بزرعها وثمارها ، وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين ، يعني : البهائم التي تؤكل لحمها ويعاش منها ، ويعني : ما ينتفع به من البهائم مما لا يؤكل / لحمها ، كل قد جعله الله لبني آدم في الأرض رفقاً بهم ونعماً عليهم وفضلاً . ثم قال تعالى : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } الآية والمعنى : وما شيء من الأمطار إلا عندنا خزائنه . { وَمَا نُنَزِّلُهُ } يعني : المطر { إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } أي : ينزل إلى كل أرض حقها الذي قدر الله لها . وليس أرض أكثر من أرض ولا عام أكثر مطراً من عام ، ولكن الله يقسمه كيف يشاء ، عاماً هنا وعاماً هنا . ويمطر قوماً ويحرم قوماً ، وربما كان في البحر . وروي أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس وولد آدم يحضرون كل قطرة حيث تقع وما تنبت . وقيل : معنى " عندنا خزائنه " أي : نملكه ونقدر عليه ونصرفه حيث نشاء وكيف نشاء . ثم قال تعالى : { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } . [ أي : وأرسلنا الرياح ] تلقح الشجر والسحاب . وكان الأصل أن يجمع على ملاقح ، لأنه جمع ملقحة ، من : القحت الريح الشجر . فاللاقح هي الشجر والسحاب كما يقال : ناقة لاقح . والملقح هي الريح ، ولكن جمع على حذف الزيادة ، فكأنه جمع لاقحاً . وأكثر ما يقع حذف الزيادة في الشعر . وقال بعض الكوفيين : وصفت الريح باللقح وهي تلقح ، كما يقال : ليل نائم ، وإنما النوم فيه . وقيل : لما كانت الريح تلقح بمرورها على التراب والماء ، قيل لها : ريح لاقح ، كما يقال : ناقة لاقح . وقيل : هو موضوع على النسب كأنه قال : ذوات اللقاح ، كأنها تلقح السحاب . كما قيل : في التفسير [ و ] هذا قول : أبي عمرو . وقيل : لواقح جمع لاقح ، أي حامل . سميت الريح لاقحاً لأنها تلقح السحاب ، والعرب تقول : للجنوب لاقح وحامل وللشمال حائل وعقيم ، وقد قال الله عز وجل { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } [ الأعراف : 57 ] . وأقلت : معناه : حملت . فأما من وحد الريح ، ووصفه بلواقح فهو حسن لأنه موحد يراد به الجمع ، قال الله [ تعالى ] { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } [ الحاقة : 17 ] يريد " والملائكة " . وقال ابن مسعود في الآية : يرسل الله الريح فتحمل الماء فتمري السحاب فيدر [ كما تدر ] اللقحة ، ثم تمطر . قال قتادة : " لواقح " تلقح الماء في السحاب . وقال النخعي والحسن : لواقح تلقح السحاب . وقال عبيد بن عمير : يبعث الله الريح المبشرة فَتَقُمُّ الأرض قماً ، ثم يبعث المثيرة فتثير السحاب ، ثم يبعث المُؤَلَّفَةَ فتؤلف السحاب ثم يبعث اللقوح فتلقح الشجر . وقال الضحاك : يبعث الله الريح على السحاب فتلقحـ [ ـه ] فيمتلئ ماء . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الريح الجنوب من الجنة وهي الريح اللواقح . وهي التي ذكر الله في كتابه ، وفيها منافع للناس " . وقيل : الريح اللاقح ، هي : التي تحمل الندى ، ثم تمجه في ماء السحاب . فإذا اجتمع فيه صار مطراً بإذن الله [ عز وجل ] ، وبسبب تلقيحها السحاب تلقح الأشجار . والـ [ ـلـ ] ـواقح في جميع ذلك بمعنى ملاقح ، لأنه من القحت الريح السحاب والشجر ولكنه جمع على حذف الزيادة على ما ذكرنا . ثم قال تعالى : { فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ / مَاءً } . أي مطراً { فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ } أي أسقينا به أرضكم ومواشيكم . ولو كان لشربهم لقال : " فسقيناكموه " . تقول [ العرب ] إذا سقت الرجل ماء فشربه : سقيته ، فإن كان لشرب أرضه وماشيته قالوا : [ أ ] سقيته . وكذلك [ ان ] ا [ ستـ ] ـسقيت له غيرك أن يسقيه قلت " اسقيته . قوله { وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } . أي : لستم تخزنون هذا الماء فتمنعونه من أحد ، بل ذلك بيد الله يسقيه من يشاء ويمنعه ممن يشاء . وقال سفيان : " بخازنين " بما نعين .