Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 10-18)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } إلى قوله { شِهَابٌ مُّبِينٌ } . والمعنى ولقد أرسلنا من قبلك يا محمد رسلاً في أمم الأولين . وفي فرق الأولين . وواحد الشيع شيعة . و " رسلاً " / محذوف دل عليه أرسلنا . ثم قال تعالى : { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } . أي : وما يأتي [ من رسول إلى الأمم الماضية فيدعوهم إلى الله { إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي : يسخرون من الرسل عتواً منهم وتمرداً على ربهم . ثم قال تعالى : { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } بمعنى : كما سلكنا الكفر في قلوب شيع الأولين والاستهزاء بالرسل ، كذلك نسلك ذلك في قلوب مشركي قومك . فالهاء في " نسلكه " تعود على التكذيب أو على الاستهزاء . والمعنى : كذلك ندخل الكفر والتكذيب في قلوب المجرمين لما علم الله من سوء اختبارهم وقبيح اعتقادهم . وقيل : الهاء تعود على الشرك . وقيل : على القرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤه عليهم . ومعنى نسلكه : نجعله . وقوله : { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي : لا يصدقون بالذكر الذي أنزلناه إليك . { وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } وقد خلت وقائع الله [ عز وجل ] بمن خلا قبلهم من الأمم . وقيل : المعنى وقد تقدمت سنة الأولين في التكذيب بالآيات فهم يقتفون آثارهم . ثم قال تعالى : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ } الآية . أي : لو فتحنا على هؤلاء الذين تقدم ذكرهم وقالوا لو ما تأتينا بالملائكة ، باباً من السماء فظلت الملائكة تعرج فيه وهم يرونهم بأعيانهم { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا } . قال ابن عباس وقتادة . ومعنى يعرجون : يجيئون ويذهبون . ومعنى سكرت أبصارنا : أخذ بها وشبه علينا . وروي عن الحسن وقتادة أنهما قالا : " فظلوا فيه " يعني بني آدم الذين سألوا أن يأتيهم النبي بالملائكة . والمعنى فظل هؤلاء السائلون لك يا محمد في هذا الباب يجيؤون ويذهبون ، لقالوا إنما أخذ بأبصارنا وشبه علينا { بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } . وتحقيق معنى " سكرت " : غشيت وغطيت ، قاله : ابن عمر . ومن خفف " سُكِرَت " فمعناه حبست ، يقال : سَكَرَت الريحُ إذا سَكَنَتْ . وقيل : هو مأخوذ من : سكر الشراب ، ومعناه : قد غشي أبصارنا مثل السكر ، وهو تفسير ابن عمرو بن العلاء . ومن شدده فمعناه [ عنده ] : سدت ، وهو قول قتادة والضحاك . وقال ابن عباس : معناه : أخذت . وقيل : معنى " سُكِرَت " بالتخفيف سحرت من قول العرب " سكر على فلان رأيه " إذا اختلط عليه فيما يريد . وقال الكلبي : معنى سكرت أبصارنا : غشيت . وكل هذه الأقوال متقاربة المعاني ، وقول أبي عمرو أنه مأخوذ من السكر جامع لها كلها . قوله : { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً } الآية . أي : جعلنا في السماء الدنيا منازل الشمس والقمر { وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } أي : زيناها بالكواكب . وقيل : البروج قصور في السماء . ثم قال : { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } . أي : حفظنا السماء / من كل شيطان ملعون . وقيل : رجيم هنا بمعنى ، مرجوم ، أي : مرجوم بالكواكب . ثم قال [ تعالى ] { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } . قال ابن عباس : تصعد الشياطين أفواجاً تسترق السمع فيقرب المارد منها فيتعلق فيرمى بالشهاب فيصيب جبهته أو جبينه أو ما شاء الله منه فيلتهب . فيأتي أصحابه وهو يلتهب ، فيقول : إنه كان من الأمر كذا وكذا . فيذهب أولئك إلى إخوانهم من الكهنة فيزيدون عليه أضعافاً من الكذب فيخبرونهم . فإذا رأوا شيئاً مما قالوا قد كان ، صدقوهم بما جاءوا به من الكذب . وهذا معنى قوله : { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] . وكان ابن عباس يقول : إِنّ الشهاب لا يقتل ولكن يحرق ويجرح .