Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

[ و ] هي مكية : قوله : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } إلى قوله { وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } . قد تقدم ذكر { الۤر } وشبهها . والمعنى : هذه تلك ، أي : هذه الآيات { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ } أي : آيات الكتب التي كانت قبل القرآن كالتوراة والإنجيل . قالـ [ ـه ] : مجاهد وقتادة . { وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } أي : وآيات قرآن مبين لمن تدبره وتأمله . ثم قال تعالى : { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } . أصل " رب " أن تدخل على النكرات ، وأن تكون في صدر الكلام لمضارعتها " كم " . لأنها للتقليل كما أن " كم " للتكثير ولمضارعتها " لا " لأنها للتقليل ، والتقليل أقرب شيء من النفي . ومن أجل كونها للتقليل لزمتها النكرة . وموضع " رب " وما عملت فيه ، نصب [ يتعدى ] الفعل الذي بعدها ، كما تقول : مررت بزيد : فزيد في موضع نصب . ولذلك لم يؤت لها بخبر ، كما يأتي لكم . والفعل : الذي يتعلق به محذوف - وربما ظهر - وكل حرف جر فإنما يتعلق بما / قبله إلا رب فإنها [ تـ ] ـتعلق بما بعدها لأن لها صدر الكلام . وإذا دخلت عليها " ما " كفتها عن العمل ووقعت الأفعال الماضية بعدها ، تقول : ربما قام زيد ، وربما جلس عمرو . فإن وقعت الأسماء بعدها ، جاز عملها ، ولغوها تقول : ربما رجل رأيت . ويلزم النكرة التي تدخل " رب " عليها النعت . فإن وقع بعدها مستقبل فعلى إضمار " كان " تقول : ربما يقوم زيد . تقديره ربما : كان يقوم زيد . فأما قوله تعالى : { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وإنما جاز وقوع المستقبل بعدها في هذه [ الآية ] لأنه أمر واقع لا محالة ، فصار بمنزلة الماضي الذي [ قد ] كان [ ووقع ] . فإن قلت " رب رجل سيقوم " أو " ليقومن " لم يجز إلا أن تريد أنه يوصف بذلك . وإذا اتصل بربما مجهول انتصب ما بعدها على التفسير . ولا يثنى ذلك المجهول ولا يجمع ولا يؤنث عند البصريين . وأجاز ذلك الكوفيون . والمضمر الذي يتصل برب في تأويل نكرة ولفظه لفظ معرفة . وإنما كان نكرة لأنك لم تقصد به إلى مذكور بعينه تقدم ذكره ، وإنما أظهر على شريطة التفسير بعده . ولا موضع " لما " في ربما لأنها زائدة . وأجاز الأخفش أن تكون " ما " نكرة في موضع خفض " برب " كأنه قال : ورب شيء ، أو : رب : وَدَّ . ومعنى الآية : ربما تمنى الذين كفروا لو كانوا في الدنيا مسلمين . وذلك في قول : ابن عباس ، وأنس ، حين يرى المشركون المسلمين من أهل الخطايا يخرجون من النار بإيمانهم . فيود عند ذلك المشركون لو كانوا مسلمين فيخرجون كما خرج هؤلاء المسلمون . وذكر ابن عباس : أنه إذا اجتمع المشركون وأهل الذنوب من المسلمين في النار قال المشركون للمسلمين : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، قد اجتمعنا وإياكم . فيغضب الله عز وجل للمسلمين فيخرجهم بفضل رحمته فيقول المشركون عند ذلك ليتنا كنا مسلمين . وفي حديث ابن وهب : " … فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين : اشفعوا ، قال : فيشفعون لهم . فيخرجون حتى إنَّ إبليس ليتطاول رجاء أن يخرج معهم " . وقال مجاهد عن ابن عباس : يدخل الله المؤمنين الجنة حتى يقول في آخر ذلك : من كان مسلماً فليدخل الجنة . فعند ذلك يتمنى المشركون لو كانوا مسلمين . وقيل : إن ذلك يكون من الكافر إذا عاين القيامة . وقيل : يكون منه ذلك التمني إذا عاين الموت . ثم قال تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ } . معنى ذلك : التهديد والوعيد للمشركين . ثم قال تعالى : { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } . أي : ما أهلكنا من أهل قرية من الأمم الماضية ، إلا ولها أجل مؤقت و / مدة [ معلومة ] لا يهلكهم الله حتى يبلغوها . وكذلك أهل قريتك يا محمد ، وهي مكة ، لا يهلكهم الله حتى يبلغوها . أي : بعد بلوغهم مدتهم لا يتقدمون عن ذلك ولا يستأخرون . وقال بعض أهل المعاني : " سبقت " و " استأخرت " مع الأشخاص معناها : غير معناها مع غير الأشخاص . تقول : سبقت فلانـ [ ـاً ] تجاوزته . واستأخرت عنه فأتى ، وتأخرت عنه . وتقول : سبقت الهلال : قصرت عن بلوغه . واستأخرت الهلال جزته . فمعنى [ قوله ] { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } لا تقصر عنه . ومعنى " وما يستأخرون " لا يتجاوزونه فيزيدون عليه . روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال : " أن ] خلق أحدكم يجمع في بطن أمه في أربعين ليلة . ثم يكون علقة مثل ذلك . ثم يكون مضغة مثل ذلك . ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات . فيكتب أجله ، وعمله ، ورزقه ، وشقي [ هو ] أو سعيد . ثم ينفخ فيه الروح . فإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى لا يكون بينه وبين [ الجنة ] إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها . وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " .