Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 77-79)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله : { لأََيٰتٍ [ لِّقَوْمٍ ] يُؤْمِنُونَ } . المعنى : [ لله ] ما غاب عن أبصاركم في السماوات والأرض دون ما سواه . { وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ [ كَلَمْحِ ] ٱلْبَصَرِ } . أي : وما قيام الساعة ، التي ينشر فيها الخلائق للبعث ، إلا كنظرة من البصر ، أو أقرب من نظرة . لأن ذلك إنما هو ، أن يقال له : كن ، فيكون . وهذا إنما هو صفة لسرعة القدرة على بعث الخلق وإحيائهم ، كما يقال في تمثيل السرعة ما بين الشيء والشيء : ما بين الحر والقر إلا نومة ، وما بين السنة والسنة إلا لحظة . فهذا يراد به السرعة . والمعنى : أن الساعة في مجيئها للوقت الذي لا مدفع له بمنزلة لمح البصر . ومثله في القرب على التمثيل { سَيَعْلَمُونَ غَداً } [ القمر : 26 ] فسمي يوم القيامة [ غداً ] على تمثيل القرب إذ لا مدفع له عن وقته . فالقيامة كغد لوقوعها لا محالة كوقوع غد . وقيل : إنها تقوم على الحقيقة في أقرب من لمح البصر ، ود [ ل ] على ذلك قوله : { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } [ الأعراف : 187 ] . وقيل معناه : وما أمر الساعة عندنا إلا كلمح البصر لا عندكم ، كقوله : { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } [ الرعد : 5 ] أي : عجب عندكم وعند من سمعه لا عندي ويدل على هذا التأويل قوله : { يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً } [ المعارج : 6 - 7 ] . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . أي : [ إن ] الله قدير على إقامة الساعة في أقرب من لمح البصر ، وعلى ما يشاء لا يمتنع عليه شيء من الأشياء كلها . ثم قال [ تعالى ] : { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً } . معناه : والله علمكم ما لم تكونوا تعلمون وأنتم في بطون أمهاتكم ، ورزقكم عقولاً تفهمون بها الأشياء ، وتميزون بين الخير والشر ، وجعل لكم السمع لتسمعوا به أوامر الله ، ونواهيه ، ومواعظه ، فتعلمون وتتعظون . وهذا يدل على أن الواو لا توجب رتبة لأنه ذكر جعله للسمع والبصر والفؤاد / بعد الخروج من البطن ، وذلك لم يكن إلا في البطن . فالواو لا توجب رتبة ، بل ما بعدها يكون قبل ما قبلها . لا يجوز إلا هذا بهذه الآية ، ونظيرها كثير في القرآن يدل على أنها لا ترتب ما بعدها بعدما قبلها ، بل قد يكون بعده وقبله . ويجوز أن يكون الباقي مبتدأ غير معطوف . والأبصار لتبصروا بها آياته ونعمه فتشكروا وتعلموا أن الله الخالق وحده لا إله إلا هو ، والأفئدة ليفهموا بها ، وهي القلوب . { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . أي : فعل ذلك بكم لعلكم تشكرون نعمه عليكم . ثم قال : { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ } . أي : ألم يَرَ هؤلاء المشركون إلى الطير ، تطير في جو السماء أي : في هواء السماء وهو ما بَعُدَ من الأرض وأبعد منه من الأرض السكاك واحدها سكاكة . { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ } . أي : [ ما طيرانهن إلا بالله ] وبما أعطاهن من القدرة على ذلك ولو سلبهن القدرة لم يطرن . { [ إِنَّ ] فِي ذٰلِكَ لأََيٰتٍ } . أي : إن في تسخير الله الطير في الهواء لعلامات على توحيد الله [ عز وجل ] لقوم يؤمنون بالله [ سبحانه ] ، قال قتادة : في جو السماء ، في كبد السماء .