Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 84-89)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } إلى قوله { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } . المعنى : ثم ينكرونها وسينكرونها يوم نبعث من كل أمة شهيداً ، أي : شهد عليها بما أجابت به داعي الله [ عز وجل ] وهو رسولهم الذي أرسل إليهم { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : لا يؤذن لهم في الاعتذار ، { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } . أي : ولا يتركون الرجوع إلى الدنيا فيتوبوا ومثله قوله تعالى : { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [ المرسلات : 35 ] أي : بعذر { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 36 ] . ثم قال : { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } أي : إذا عاين الذين كذبوا محمداً [ صلى الله عليه وسلم ] عذاب الله [ عز وجل ] فلا ينجيهم منه شيء { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي : يؤخرون . ثم قال تعالى : { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } . أي : إذا رأى المشركون يوم القيامة ما كانوا يعبدون من دون الله سبحانه من الآلهة والأوثان { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } . أي : هؤلاء آلهتنا الذين عبدنا من دونك حشر الله [ عز وجل ] معهم أصنامهم وأوثانهم ليوبخهم ويعذبهم بها في النار وسموا شركاءهم لأنهم جعلوا لهم نصيباً من أموالهم وزروعهم وأنعامهم . وقيل : سموا بذلك على معنى : هؤلاء شركاؤنا في الكفر [ بك ] ، وقيل : إنما سموا بذلك لأنهم أحدثوا عبادتهم ، أشركوهم في عبادة الله [ سبحانه ] فأضيفوا إليهم ، إذ هم اخترعوا ذلك ، [ وقد ] قال في موضع آخر : { شُرَكَآئِيَ } [ الكهف : 52 ، القصص : 62و74 ، فصلت : 47 ] فأضافهم إلى نفسه تعالى عن ذلك على طريق ما فعلوا : أي : شركائي عندكم وفيما زعمتم . قوله تعالى : { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } . أي : ألقت الآلهة إليهم القول ، أي : انطلقوا فقالوا : إنكم لكاذبون ، ما كنا ندعوكم إلى عبادتنا ولا كنا آلهة . قال مجاهد { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } : قالوا لهم ، ونظير هذا قوله : { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 82 ] . وقيل : هم الملائكة الذين عبدوا من دون الله [ سبحانه ] قالوا للكفار إنكم لكاذبون في عبادتكم إيانا . ثم قال تعالى : { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } . أي : استسلموا له وذلوا لحكمه فيهم ، ولم تغن عنهم آلهتهم شيئاً { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } وأخطأهم من آلهتهم ما كانوا يأملون من الشفاعة عند الله [ عز وجل ] . ثم قال تعالى : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } . أي : الذين كفروا بالله [ سبحانه ] وبرسوله [ صلى الله عليه وسلم ] وصدوا عن الإسلام من أراده ، زدناهم في جهنم عذاباً فوق العذاب الذي هم فيه قبل أن يزادوا . وقال ابن مسعود : الزيادة عقارب لها أنياب كالنخل الطوال تنهشهم . وَرَوَى عنه مُرة أنه قال / أفاعي . وعن ابن عمر أنه قال : لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب أعناقها كأعناق البخت . وقيل : إنهم يخرجون من حر النار [ إلى ] برد الزمهرير فيتبادرون من شدة برد [ ه إلى النار ] أعاذنا الله من ذلك . وقال السدي : الزيادة عقارب في النار أمثال : البغال ، وحيات أمثال : الفيلة . وروى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " زيدوا عقارب أمثال النخل تنهشهم في جهنم " . قال مجاهد إن لجهنم جناباً ، يعني : جانباً كالساحل ، فيها حيات كأمثال أعناق [ البخت ] ، وأنياباً لها كأنياب البغال فيهرب أهل النار من النار إلى جنابها فتشد عليهم العقارب فتأخذ شفاههم فتسقط ما بين الشفر إلى الظفر فما ينجيهم منها إلا الهرب إلى النار . قال ابن مسعود : إنه ليسمع للهوام بين أطباق جلد الكافر في النار جلبة كما تسمع جلبة الوحش في البر . وإن غلظ جلده أربعون ذراعاً بذراع الجبار يعني : الملك . وروى مجاهد عن ابن عمر أن النبي عليه السلام قال : " إنهم ليعظمون في النار حتى يصير ما بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة كذا وكذا ، وإن جلد أحدهم أربعون ذراعاً ، وضرسه أعظم من جبل أحد " . وقوله : { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } . أي : يفسدون في الدنيا بصدهم الناس عن الإسلام . ثم قال [ تعالى ] : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } . أي : [ واذكر يا محمد يوم نبعث من كل أمة شهيداً ، أي ] : نبعث إليهم نبيهم الذي أرسل إليها . ومعنى { مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } أي : من قبيلتهم لأنه تعالى أكثر ما أرسل الرسل إلى الأمم من قبيلتها . ثم قال : { وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } . أي : على أمتك يا محمد الذين أرسلت إليهم { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } أي : القرآن . { تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } أي : بياناً للناس لما بهم إليه من الحاجة [ من معرفة ] الحلال والحرام والثواب والعقاب { وَهُدًى } أي : هدى من الضلالة { وَرَحْمَةً } أي : ورحمة لمن صدق به وعمل بما فيه { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } ، أي : وبشارة لمن أطاع الله وخضع له بالتوحيد .