Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-91)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ } إلى قوله : { مَا تَفْعَلُونَ } . المعنى : أن الله [ عز وجل ] يأمر في الكتاب الذي أنزل على محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بالعدل وهو الفرض والإحسان النافلة ، وقيل : العدل الإنصاف . ومن الإنصاف الإقرار لمن أنعم علينا بنعمته ، والشكر له على أفضاله وإخلاص العبادة له . وكذلك قال بعض المفسرين : العدل هنا شهادة أن لا إله إلا الله . وروي ذلك عن ابن عباس . وقال ابن عيينة : العدل هنا استواء السريرة والعلانية من كل من عمل لله [ عز وجل ] عملاً . وقوله : { وَٱلإحْسَانِ } قال ابن عباس هو أداء الفرائض . وقال ابن عينية الإحسان أن تكون سريرته أفضل من علانيته . وقوله : { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } . أي : إعطاؤهم الحق الذي أوجبه الله لهم في الفرائض وصلة الرحم . { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } . أي : عن كل قول وفعل قبيح . وعن ابن عباس الفحشاء هنا الزنى . وقال ابن عيينة الفحشاء والمنكر هنا / أن تكون علانيته أحسن من سريرته . والمنكر في اللغة : كل ما ينكر من قول أو فعل . وقوله : { وَٱلْبَغْيِ } قال ابن عباس : البغي : الكبر والظلم . والبغي في اللغة : أشد الفساد . وقيل : البغي التعدي ومجاوزة القدر والحد . ثم قال تعالى : { يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ، أي : يوصيكم لعلكم تذكرون فتنتهوا إلى أمره ونهيه . قال ابن مسعود : أجمع آية في القرآن لخيرٍ وشرٍ آية في النحل { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ } الآية . وقال قتادة : ليس من خلق حسن ، كان أهل الجاهلية يعملون به ويستحسنونه إلا أمر الله [ عز وجل ] به وليس من خلق سيىء كانوا يتعايرونه بينهم إلا نهى الله [ عز وجل ] عنه . وقيل في قوله : { بِٱلْعَدْلِ } بألا يعبد إلا الله وحده لا شريك له فهذا هو العدل الحق . { وَٱلإحْسَانِ } هو أن تعبده كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك . ومن الإحسان أن تحب لولد آدم كلهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك ، إن كان مؤمناً أحببت له أن يزداد إيماناً ، وإن كان كافراً أحببت له أن يؤمن فيكون أخاك في الإسلام . { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } صلة الرحم والقرابة بمالك أو بنفسك أو بدعائك له وبشرك في وجهه ، { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ } أي : عن ركوب المعاصي . { وَٱلْمُنْكَرِ } هو الشرك بالله { وَٱلْبَغْيِ } هو أن تبغي على أخيك فتظلمه أو تغتابه فتبهته . ثم قال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } . المعنى : وأوفوا أيها الناس بميثاق الله [ عز وجل ] إذا أوثقتموه وبعقده إذا عاقدتموه فأوجبتم على أنفسكم حقاً لمن عاقدتموه . { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } . أي : لا تخالفوا الأمر الذي تعاقدتم فيه بالإيمان بالله [ عز وجل ] { بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } ، أي : بعدما شددتم الإيمان فتحنثوا في أيمانكم وتكذبوا فيها وتنقضوها . { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } أي : جعلتموه كفيلاً عليكم في أيمانكم ، [ فلا تكذبوا فيها ولا تنقضوها ] . وقد قيل : إنها عامة في كل عقد ويمين ، وإن الأيمان منسوخة بإجازة الكفارة في المائدة عن اليمين . وهذه الآية : نزلت فيمن بايع النبي [ عليه السلام ] على الإسلام لئلا تحملهم قلة من مع محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ، وكثرة المشركين على نقض ما عاهدوه عليه من البيعة . وقال مجاهد : نزلت في الحلف الذي كان بينهم في الجاهلية أمرهم الله [ عز وجل ] في [ الإسلام ] أن يوفوا به ولا ينقضوه . وقال ابن زيد : هؤلاء قوم كانو حلفـ [ ـاء ] لقوم ، وقد تحالفوا وأعطى بعضهم بعضاً الميثاق ، فجاءهم قوم فقالوا : نحن أكثر وأعز وأمنع فانقضوا عهد هؤلاء ، فارجعوا إلينا وحـ [ ـا ] لفونا ، ففعلوا ، فنهى الله [ عز وجل ] عن ذلك بهذه الآية وهو قوله : { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } [ النحل : 92 ] . ففي الكلم تقديم وتأخير وتقديره : وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً أن تكون أمة هي أربى من أمة ، أي هي أكثر من أجل أن كان هؤلاء أكثر عدداً نقضتم العهد فيما بينكم وبين هؤلاء / . وكذلك قال مجاهد أيضاً في رواية أخرى عنه . والكفيل الوكيل . ثم قال تعالى : { [ إِنَّ ] ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } . [ أي : ما تفعلون ] في عقودكم وعهودكـ [ ـم ] .