Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 92-93)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا } إلى قوله : { تَعْمَلُونَ } . والمعنى : أن الله [ عز وجل ] نهى عباده عن نقض الأيمان بعد توكيدها فيكونون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أي من بعد إحكامه وإبرامه . روي أن امرأة حمقاء كانت تفعل ذلك بمكة فكانت إذا أبرمت غزلها نقضته . وقيل : هي امرأة يقال لها ريطة بنت سعد كانت تغزل بمغزل كبير فإذا أبرمته وأحكمته أمرت جاريتها فنقضته . وقيل : هي امرأة اسمها حطية كانت بمكة وكان بها وسوسة ، وكانت تغزل عند الحجر يومها ثم تغدو فتنقضه ، أي : تغزله جوانيا [ ثم تنقضه برانيا ] . وقيل : [ هو ] مثل ، ولم يرد امرأة بعينها . والمعنى : لا تفعلوا هذا الفعل فتكونوا كامرأة نقضت غزلها بعد أن أحكمته . فلو بلغكم أن امرأة فعلت هذا لقلتم [ ما ] في الأرض أحمق من هذه . [ هذا ] معنى قول قتادة . وقال قتادة : هو مثل ضربه الله [ عز وجل ] لمن نقض العهد . ومعنى : { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } خديعة وغروراً . أي : لا تجعلوا أيمانكم خديعة وغروراً بينكم ليطمئن إليكم وأنتم مصرون على الغدر ، وترك الوفاء فتنقضونها ولا توفون بها . وقال الزجاج : { دَخَلاً } أي : غشاً و [ غلاً ] . وهو منصوب لأنه مفعول له . أي : تتخذون الأيمان للدخل ، أي : للغش والخديعة . والدخل في اللغة [ كل ] عيب . يقال : هو مدخول أي معيب ، وفيه دخل [ أي ] عيب . ثم قال : { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } . أي : تفعلون الغدر في أيمانكم لأجل كون أمة أكثر من أمة فتنقضون عهد الأ [ ول ] لقلتهم وتحالفون الأكثر لكثرتهم . ثم قال تعالى : { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } . أي : إنما يختبركم [ الله ] بأمره إياكم بالوفاء والعهد بالأيمان ليتبين منكم المطيع المنتهي إلى أمر الله [ عز وجل ] من العاصي المخالف أمره ونهيه . ثم قال : { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } . أي : وليبين الله لكم يوم القيامة مجازاة كل فريق منكم على عمله في الدنيا . واختلافهم هنا هو كون هؤلاء مؤمنين وهؤلاء كافرين . فهذا الذي اختلفوا فيه ، فيوم القيامة يتبين لهم المصيب من المخطئ . فهو وعيد [ لهم ] من الله [ عز وجل ] . ثم قال [ تعالى ] : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } . أي ولو شاء الله للطف بكم بتوفيق من عنده فتصيرون أهل ملة واحدة . ولكنه خالف بينكم فجعلكم أهل ملل شتى ، فوفق من يشاء لما يرضيه من الإيمان به وبرسله وكتبه ، وخذل من شاء عن ذلك فكفر [ به ] . ثم قال : { وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . أي : تسألون عما عملتم في الدنيا في [ ما ] أمركم به ونهاكم / عنه .