Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 96-100)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } إلى قوله { وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } . والمعنى : ما عندكم أيها الناس مما تأخذونه على نقض الأيمان والعهود يفنى ، وما عند الله باق لمن أوفى بعهده . ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ } . أي : وليثيبن الذين صبروا على الطاعة في السراء والضراء بأحسن ما كانوا يعملون من الأعمال دون أسوئها . ثم قال : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } . [ أي ] : من عمل بطاعة الله [ عز وجل ] وهو مصدق بثواب الله [ عز وجل ] وعقابه [ جلت عظمته ] فلنحيينه حياة طيبة : قال ابن عباس : الحياة الطيبة ، الرزق الحلال في الدنيا ، وكذلك قال الضحاك . وقال علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] : هي القناعة في الدنيا . وعن الضحاك أنها أن يحيي مؤمناً عاملاً بطاعة الله . وعن ابن عباس أيضاً : أنها السعادة . وقال الحسن : هي الجنة ولا تطيب لأحد حياة دون الجنة ، وهو قول قتادة ومجاهد . وقوله بعد ذلك : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يدل على [ أن ] الحياة الطيبة في الدنيا هي ، لأنه أخبر بما يفعل بهم في الدنيا ثم أعقبه بما يفعل بهم [ في ] الآخرة . ومعناه : لنجزينهم أجرهم في الآخرة بأحسن عملهم في الدنيا لا بأسوئه . وروي : أن هذه الآية : نزلت بسبب قوم من أهل ملل شتى تفاخروا ، فقال أهل كل ملة نحن أفضل ، فبين الله [ عز وجل ] فضل هذه الملل بهذه الآية ، وروى ذلك أبو صالح . ثم قال تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } . معناه : إذا أردت يا محمد قراءة القرآن فاستعذ بالله . ومثله : إذا أكلت فقل بسم الله . أي إذا أردت الأكل . فحذف هذا لعلم السامع بمعناه . ومثله : { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } [ المائدة : 6 ] / الآية . أي : إذا أردتم القيام إليها . لأن الوضوء إنما يكون قبل الصلاة لا بعدها . ثم قال تعالى : { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } . أي : ليس له حجة على المؤمنين المتوكلين على الله [ عز وجل ] في مهم أمورهم المتعوذين به من الشيطان . { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ } . أي إنما حجته على الذين يعبدونه ويطيعونه { وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } ، أي : [ هم ] بالله مشركون قاله مجاهد . وقيل : الهاء للشيطان أي : { وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } أي : [ أ ] شركوه في أعمالهم . وقيل معناه : والذين هم من أجله مشركون . قال سفيان : ليس له سلطان على أن يحمل المؤمن على ذنب لا يغفر . وقيل : الاستعاذة بالله تمنع الشيطان من أذى المؤمن . وقيل : إن قوله : { لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هو قوله : { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } [ الحجر : 40 ] فهؤلاء لم : يجعل للشيطان عليهم سبيلاً .