Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 101-105)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذَا بَدَّلْنَآ آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ } إلى قوله : { وَأُوْلـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } . المعنى عند مجاهد : وإذا رفعنا آية وأنزلنا أخرى . وعنه [ أيضاً ] : وإذا رفعنا آية فنسخناها وأثبتنا غيرها . وقال قتادة وهو قوله : { مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا } [ البقرة : 106 ] . وقيل معناه : وإذا بدلنا حكم آية بحكم آية أخرى { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } مما هو أصلح لخلقه . قال المشركون لك يا محمد { إِنَّمَآ أَنتَ مُفْتَرٍ } أي : متخرص الكذب على الله { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } حقيقة ذلك لجهالتهم . ثم قال : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِٱلْحَقِّ } . أي : قل لهم يا محمد : نزَّل هذا القرآن ناسخه ومنسوخه جبريل [ صلى الله عليه وسلم ] من عند الله { بِٱلْحَقِّ لِيُثَبِّتَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي : ليقوي إيمانهم ويتضاعف تصديقهم إذا آمنوا بناسخه ومنسوخه . { وَهُدًى } من الضلالة { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } وبشرى للذين استسلموا لأمر الله [ عز وجل ] ونهيه وما أنزله في كتابه . ثم قال [ تعالى ] : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } . أي : ولقد نعلم يا محمد أن هؤلاء المشركين يقولون جهلاً منهم إنما يعلم محمداً هذا الذي يتلو علينا بشر من بني آدم وما هو من عند الله . فقال الله مكذباً لهم : { لِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ } . أي لسان الذي يميلون إليه أنه يعلم محمداً [ صلى الله عليه وسلم ] أعجمي { وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } لأنهم زعموا أن الذي يعلم محمداً عبد رومي . قال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم فتى بمكة ، وكان اسمه بلعام ، وكان أعجمي اللسان فلما رأى المشركون النبي صلى الله عليه وسلم ، يدخل عليه ويخرج ، قالوا [ له ] إنما يعلمه بلعام ، فأنزل الله [ عز وجل ] الآية . وقيل : كان اسمه يعيش ، [ قال عكرمة : كان النبي عليه السلام يقرئ غلاماً لبني المغيرة اسمه يعيش ] أعجمياً ، فقال / المشركون إنه يعلم محمداً . وقيل : هو [ عبد ] لبني الحضرمي يقال له يعيش . وقيل : كان اسمه جبراً . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يجلس عنده عند المروة . فقال المشركون هو يعلم محمداً [ صلى الله عليه وسلم ] ما يتلو علينا ، وكان جبر أَعجمي اللسان ، فاحتج الله عليهم أنه أعجمي وأن القرآن عربي والعجمي ، لا يعلم العربي . وقيل : كانا غلامين اسم أحدهما جبر ، والآخر يسار يقرآن التوراة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إليهما . فقال كفار قريش إنما يجلس إليهما يتعلم منهما . وقال الضحاك : هو سلمان الفارسي . وروي أن الذي قال هذا رجل كاتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عن الإسلام وكان يملي عليه النبي صلى الله عليه وسلم : { سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أو { عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أو غير ذلك من خواتم الآي ، ويشتغل النبي عليه السلام فيبدل هو في موضع سميع عليم وعزيز حكيم ويقوله للنبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول له النبي عليه السلام ، أي ذلك كتبت فهو كذلك ففتنه ذلك . وقال [ إن ] محمداً يكل ذلك إلي وأكتب ما شئت فارتد . وقال للمشركين أنا أفطن الناس بمحمد والله ما يعلمه إلا عبد بني فلان . فنزلت الآية في كذبه لهم . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . أي : إن الذين يجحدون بآيات الله لا يوفقهم الله لإصابة الحق ولهم في الآخرة عذاب مؤلم . { إِنَّمَا يَفْتَرِي ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي : الذين يجحدون آياته ، ويفتري بمعنى يتخرص . وقال بعض أهل المعاني إنما أعاد الكاذبين ، و [ قد ] تقدم الإخبار عنهم بالكذب لأن الثاني صفة ، والصفة ألزم من الخبر ، لأن من نعت بصفة فهي لازمة له ، ومن أخبر عنه بخبر فقد يحول عنه . فأعاد ذكر الكذب لأنه ألزم في أكثر الأحوال من الخبر . وهذا الذي قال إنما يلزم إذا كانت الصفة صفة ذات فهي لا تتغير كالأحمر والأسود . ويتغير الخبر بالأفعال . وإذا كانت الصفة صفة فعل فهي تتغير أيضاً كتغيير الخبر بالفعل . والصفة في هذه صفة فعل لا صفة ذات ، فلا يلزم قوله ، ولا يستقيم ، ولكن أعيد ذكر الكذب عنهم للتأكيد .