Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 102-106)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { [ قَالَ ] لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله : { [ وَنَزَّلْنَاهُ ] تَنْزِيلاً } . معناه : قال / موسى لقد علمت يا فرعون أن هذه الآيات ما أنزلها الله إلا بصائر للعباد وتصديق هذه المعاني قوله : { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } [ النمل : 14 ] . وهذا : على قراءة من قرأ بفتح التاء في " علمت " . ومن ضم التاء فمعناه : أن موسى صلى الله عليه وسلم يخبر عن نفسه أنه على يقين أن الآيات ، الله أنزلها بصائر لعباده . ويكون هذا من موسى صلى الله عليه وسلم جواباً لقول فرعون له : { إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } [ الإسراء : 101 ] أي : قد سحرت فلا تدري ما تقول . فقال : موسى لقد علمت أنا أن الله أنزل هذه الآيات بصائر لعباده ولست بمسحور . ونصب بصائر على الحال أي : أنزلها حججاً وهي جمع بصيرة . ثم قال : { وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } . وقال ابن عباس : " مثبوراً " ملعوناً ، أي : ممنوعاً من الخير ، وهو قول : الضحاك . وقال مجاهد وقتادة : مثبوراً : هالكاً . وقال عطية العوفي : " مثبوراً " : مبدلاً أي مغيراً وقال ابن زيد : " مثبوراً " : مخبولاً لا عقل لك . وعن الضحاك : " مثبوراً " : مسحوراً . رد [ عليه ] موسى صلى الله عليه وسلم ، مثل ما قاله فرعون بغير اللفظ ، والمعنى سواء . ثم قال [ تعالى ] : { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } . أي : أراد فرعون أن يزيل موسى وبني إسرائيل من أرض مصر إما بقتل أو غيره { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } . ونجينا بني إسرائيل وموسى منه . { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ } أي : من بعد هلاكه { لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ } أي : أرض الشام . { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ } أي : قيام الساعة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } أي : مختلطين ، قد التف بعضكم على بعض لا تتعارضون ، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته . وقال ابن عباس : " لفيفاً " : جميعاً . وقال غيره : [ لفيفاً ] من كل قوم . وقال قتادة : " لفيفاً " جميعاً أولكم وآخركم ، وكذلك قال : الضحاك . واللفيف جمع لا واحد له كالجميع . وقيل : هو مصدر لففت فلذلك واحد في موضع الجمع . ثم قال : { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } . أي : أنزل هذا القرآن بالحق لأن فيه الأمر بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة { وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ } أي : وبذلك نزل من عند الله [ عز وجل ] على نبيه عليه السلام . ثم قال : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } . أي : مبشراً بالجنة من أطاعك ومنذراً بالنار من عصاك . ثم قال تعالى : { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ } . قال ابن عباس : " فرقناه " فصلناه . وقيل : معنى [ فرقناه ] فرقنا به بين الحق والباطل والمؤمن والكافر . وقرأ : ابن عباس وعكرمة والشعبي وقتادة " فرقناه " بالتشديد على معنى أنزل به آية بعد آية . قال ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحد إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة . وهو قوله : { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } . ونصب " قرآناً " عند البصريين بإضمار فعل يفسره ما بعده . ونصبه عند غير البصريين على العطف " مبشراً ونذيراً " . وقرآناً يتأول بمعنى : رحمة . لأن القرآن رحمة . فلا يحسن الوقف على هذا التقدير على نذيراً . ويقف عليه على القول الأول . و / معنى { لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ } على تؤدة ، وترتله وتبينه فلا تعجل في تلاوته فلا يفهم عنك . قال ابن عباس : " على مكث " على تأن . وقال مجاهد على ترسل . وقال مالك " على مكث " على تثبت وترسل . ومعنى { وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } أي نزلناه شيئاً [ بعد ] شيء . وقال الحسن نزل القرآن قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثماني سنين . وبالمدينة عشر سنين .