Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 49-52)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً [ أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ] } إلى قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } . المعنى : أن الله جل ذكره أخبر عن قول المشركين وإنكارهم البعث بعد الموت . والرفات : التراب ، قاله مجاهد . أي : قالوا منكرين للبعث أنُبعَث بعد أن كنّا عظاماً وتراباً في قبورنا . وقال ابن عباس : الرفات : الغبار . وقال أبو عبيدة والكسائي : الرفات الحطام . والعظام ما لم يتحطم ، والرفات : ما تحطم ، كذا قال أبو عبيدة . والرفات في اللغة : الرضاض والحطام . يقال : رفت رفتاً إذا حطم . ولا واحد له كالدقاق . وهذا المثال في هذا المعنى ، يأتي أبداً محل فعال . نحو الفتات والتراب والرفات والغبار والحطام والرضاض . ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم يا محمد : { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } أو كونوا على أي خلق يعظم في صدوركم فلا بد لكم من الموت والبعث أي : استشعروا ما شئتم أن تكونوا عليه من الخلق . فلا بد أن يميتكم الله [ عز وجل ] ثم يحييكم . وقال ابن عباس في قوله : { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } هو الموت . أي : لو كنتم الموت بعينه لأماتكم الله عز وجل ثم أحياكم ، وهو قول : أبي صالح والحسن والضحاك . وقال ابن جبير ، كونوا الموت فإن الموت سيموت . قال عبد الله بن مسعود : يوتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح حتى يجعل بين الجنة والنار فينادي مناد يسمع أهل الجنة وأهل النار ، فيقول هذا الموت قد جئنا به ونحن مهلكوه ، فأيقنوا يا أهل الجنة ويا أهل النار بأن الموت قد هلك . وقال مجاهد قوله : { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } هو السماء والأرض والجبال . ثم أخبر عنهم تعالى ذكره أن جوابهم للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] إذ قالوا له " من يعيدنا " أي : من يعيدنا إذا كنا حجارة أو حديداً ، فقل لهم يا محمد يعيدكم { ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي : الذي خلقكم ولم تكونوا شيئاً . ثم قال الله [ عز وجل ] لنبيه [ عليه السلام ] { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } . أي : يحركونها استهزاء واستبعاداً للبعث . و / النغض في كلام العرب حركة بارتفاع وانخفاض . { [ وَيَقُولُونَ ] مَتَىٰ هُوَ } أي : متى البعث ، فقل لهم يا محمد { عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } أي : هو قريب . لأن عسى من الله [ تعالى ] واجبة . ثم قال تعالى : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } . أي : [ يوم ] يبعثكم يوم يدعوكم من القبور { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي : بأمره ، قاله : ابن عباس . وقال قتادة : " بحمده " بمعرفته . وقيل : معناه : بقدرته ، ودعائه إياكم ، ولله الحمد على كل حال . كما يقول القائل : فعلت ذلك الفعل بحمد الله . أي : ولله الحمد على كل حال . وروي عن [ ابن ] جبير أنه قال : يخرج الناس من قبورهم وهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك . وقال أبو إسحاق معناه : ويستجيبون مقرين بأنه خالقهم . وقيل : يستجيبون بحمده يعني : عند النفخة الثانية { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ [ قَلِيلاً ] } يعني : بين النفختين . وذلك أنه يكف عنهم العذاب بين النفختين فينامون فذلك ما حكى [ عز وجل ] عنهم في يٰس أنهم يقولون : { يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } [ يس : 52 ] لأنهم يعذبون من يوم يموتون إلى النفخة الأولى ، وهو خاص لمن قاتل نبياً ، أو قتل في قتال نبي ، أو قتله نبي أو مات على كفره في حياة نبي . ثم قال [ تعالى ] { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } . أي : وتحسبون عند موافاتكم يوم القيامة من هول ما تعاينون ما لبثتم في الأرض إلا وقتاً قليلاً كما قال { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ } [ المؤمنون : 112 - 113 ] . قال قتادة : تحاقرت الدنيا في أنفسهم وقلّت حين عاينوا يوم القيامة .