Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 53-57)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } إلى قوله { كَانَ مَحْذُوراً } . أي : وقل يا محمد لعبادي المؤمنين يقول بعضهم لبعض المقالة التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة . وقال الحسن : { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أن يقول لك : يرحمك الله ، يغفر الله لك ، يريد عند المنازعة . وقيل : { ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أن يقولوا : لا إله إلا الله . وقوله : { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } . أي : يفسد ما بينهم ، ويقبح ما بينهم ، ويحرض الكافرين على المؤمنين . إنه كان للإنسان عدواً مبيناً ، يؤيد الكافر الهالك ويودي المؤمن . ولا سلطان له عليه . ثم قال تعالى : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } . هذا خطاب للمشركين الذين أنكروا البعث ، والمعنى : " ربكم " أيها المشركون " أعلم بكم إن يشأ يرحمكم فيوفقكم للتوبة والإقرار بالبعث { أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } فيخذلكم فتموتون على كفركم فتعذبون في الآخرة . ثم قال [ تعالى ] لنبيه [ عليه السلام ] : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } . أي : رقيباً تجبرهم على الإيمان ، إنما عليك أن تبلغهم ما أرسلت به لا غير . ثم قال { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } . أي : ربك يا محمد أعلم بمصالح من في السماوات والأرض وتدبيرهم / وأهل التوبة منهم من أهل المعصية . ثم قال : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } . وهو اتخاده لإبراهيم خليلاً ، وتكليمه موسى ، وجعل عيسى كآدم وإيتاء سليمان ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، وأتى داوود زبوراً . وهو دعاء علّمه الله داود تحميد وتمجيد ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود ، وغفر لمحمد صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأرسله إلى الناس كافة . روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خفف على داوود القرآن فكان يأمر بدابته تسرج فكان يقرأ قبل أن يفرغ يعني : القرآن " . وفائدة الآية أن الله أخبر المشركين بأنه قد فضّل بعض النبيئين على بعض فلا ينكروا تفضيله لمحمد [ صلى الله عليه وسلم ] وأعطاه القرآن ، فقد أعطي داوود زبوراً وهو بشر مثله . ثم قال تعالى : { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ } . أي : قل لهم يا محمد : ادعـ [ ـوا ] الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله عند ضُرٍّ ينزل بكم ، فإنهم لا يملكون كشف [ الضُّرِ ] عنكم ولا تحويله عنكم إلى غيركم . هؤلاء الذين أمر الله [ عز وجل ] نبيه [ عليه السلام ] أن يقول لهم هذا : هم قوم من المشركين كانوا يعبدون الملائكة والمسيح وعزيراً قاله : مجاهد . وقال ابن عباس : هم عيسى وعزير ومريم كان قوم يعبدونهم . وعنه أيضاً : هم عيسى وعزير والشمس والقمر كان قوم يعبدونهم . وقيل : هم قوم كانوا يعبدون الملائكة فقط . وقيل : هم قوم كانوا يعبدون نفراً من الجن : فأ [ سلم ] أولئك النفر من الجن ولم يعلم بهم من يعبدهم . قاله ابن مسعود . ولذلك قال : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } أي : أولئك الذين يعبد هؤلاء المشركون يبتغون إلى ربهم القربى والزلفى لأنهم مؤمنون ، فيكون : يراد به الجن الذين أسلموا على القول الأخير . ويجوز أن يراد بهم الملائكة وعيسى وعزير ومريم على القول الأول . والهاء والميم في ربهم تعود على أولائك وهم المعبودون . وقيل : تعود على العابدين الكافرين ، [ أي : المعبودون يبتغون إلى رب العابدين لهم الوسيلة . وقيل : تعود على العابدين ] والمعبودين ، أي : المعبودون يبتغون الوسيلة إلى رب الجميع رب العابدين ورب المعبودين . ومعنى : { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } إلى الله لمصالح أعماله واجتهاده في حياته ويرجون وبأعمالهم تلك رحمته ويخافون عذابه ، إن عذاب ربك يا محمد كان محذوراً . واختار الطبري قول من قال : هم الجن كان قوم من المشركين يعبدونهم لأن عيسى وعزيراً ومريم لم يكونوا على عهد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فلا يحسن دخولهم هنا في هذا المعنى .