Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 4-6)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ } إلى قوله : { أَكْثَرَ نَفِيراً } . معنى القضاء في اللغة : أحكام الشيء والفراغ منه . فمعنى الآية : وفرغ ربك إلى بني إسرائيل فيما أنزل من كتابه إلى موسى [ صلى الله عليه وسلم ] إنكم يا بني إسرائيل تعصون الله وتخـ [ ـا ] لفون أمره وتستكبرون عليه استكباراً شديداً مرة بعد مرة . قال ابن عباس وابن زيد : { وَقَضَيْنَآ [ إِلَىٰ بَنِي ] إِسْرَائِيلَ } أعلمناهم بذلك في كتابهم . وقيل : معناه : إن ذلك سبق في أم الكتاب عليهم أنهم يفسدون ويخالفون أمر الله [ سبحانه ] ويستكبرون في الأرض مرتين . قاله قتادة . وروي [ ذلك ] أيضاً عن ابن عباس قال : [ قضاء ] قضاه الله [ عز وجل ] على القوم كما تسمعون . قال مجاهد : دخلت على ابن عباس فقلت : إن على الباب رجل يقول في القدر . فقال : ادخلوه علي . فقلت ما تريد به ؟ قال : اقرءوا عليه قول الله : { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } قال فقضى عليهم ليفسدن في الأرض مرتين وليعلن علواً كبيراً قبل أن يخلقهم ، فقضى عليهم ما علم أنهم عاملون ، وكتبه عليهم ففعلوه . قال ابن عباس وابن مسعود : كان إفساد بني إسرائيل [ في الأرض ] في أول مرة قتل زكرياء [ صلى الله عليه وسلم ] فبعث الله [ عز وجل ] عليهم ملك [ الـ ] ـنبط . فبعث إليهم الجنود من أهل فارس ، فهم أولوا بأس شديد . / فتحصنت بنو إسرائيل وخرج فيهم بختنصر يتيماً مسكيناً ، خرج يستطعـ [ ـم ] وتلطف حتى دخل المدينة . فأتى مجالسهم فسمعهم يقولون : لو علم عدونا ما قذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا ، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم واشتد القيام على الجيش فرجعوا فذلك قوله : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } الآية : ثم إن بني إسرائيل تجهزوا فغزوا النبط فأصابوا منهم فاستنفدوا ما في أيديهم ، فذلك قوله : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } الآية . و " نفيراً " معناه عدداً . وقال ابن زيد : كان إفسادهم الأول قتل زكرياء ، والثاني قتل يحيى . فسلط الله عليهم سابور ذا الاكتاف ، وهو ملك من ملوك فارس ، في قتل زكرياء ، وسلط عليهم بختنصر في قتل يحيى . وقال قتادة : بعث عليهم أول مرة جالوت والثانية بختنصر . ومعنى قوله : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي : أول المرتين اللتين قضينا إلى بني إسرائيل ، أي أو [ ل ] . الفسادين . وقوله : { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ } . أي : ترددوا بين الدور والمساكن وذهبوا وجاءوا . وقال ابن عباس : " جاسوا " مشوا . وقال الزجاج : الجوس طلب الشيء باستقصاء . فمعناه : طلبوا هل يجدون أحداً . وقال بعض أهل اللغة : معنى " جاسوا " قتلوا . وقوله : { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } . أي : كان جوس القوم خلال ديار بني إسرائيل وعداً من الله [ عز وجل ] ، لا يخلف . قال ابن عباس وقتادة : أتاهم في المرة الأولى جالوت فجاس خلال ديار بني إسرائيل وضرب عليهم الخراج والذل . فسألوا الله [ عز وجل ] أن يبعث إليهم ملكاً يقاتلون في سبيل الله . فبعث الله طالوت . فقاتلوا جالوت ، فنصره الله ، وقتل جالوت ، على يدي داوود ورد الله [ عز وجل ] إلى بني إسرائيل ملكهم . وعن مجاهد أنه قال : جاءهم بختنصر في أول مرة من جهة فارس فهزمهم بنو إسرائيل ، ثم رجعوا ثانية فقتلوا بني إسرائيل ودمر [ و ] هم تدميراً ، وجلوهم عن بيت المقدس فلم يصلوا إلى دخوله سبعين سنة . وروي عن مجاهد أنه قال : إنما جاءهم في أول مرة قوم من أهل فارس معهم بختنصر يتجسسون أخبارهم ثم رجعت فارس وقد وعى بختنصر أخبارهم دون أصحابه ، ولم يكن قتال . وقيل : إنما جاءهم في المرة الأولى ، أي : بختنصر ومن معه من جبابرة فارس ، بعثه الله نقمة لهم حين أفسدوا وقتلوا يحيى بن زكرياء . ويروى : أن يحيى كان قد قال لهم : إياكم أن يقع من دمي شيء في الأرض فتهلك بنو إسرائيل . فذبحوه واحتفظوا بدمه ، فجعلوه في طست من ذهب . فوقعت منه نقطة في الأرض / فما زالت تفور وتغلي حتى هجم عليهم بختنصر . فيروى : أنه ذبح على ذلك الدم سبعين ألفاً من بني إسرائيل ، فهدأ الدم . وسبى بني إسرائيل حتى سبى أبناءهم وخرج بهم إلى أرض العراق . ويروى : أن الفساد الثاني الذي ارتكب بنو إسرائيل هو قتلهم زكرياء ويحيى عليهم السلام بعد أن أقاموا في الدعة والسلامة عشرين ومائتي سنة . فأرسل عليهم من قتلهم وسباهم ، وحرق بيت المقدس وأخرجه . فلم يزل الذين ظهروا عليهم ببيت المقدس حتى فتحه الله عز وجل في زمان عمر رضي الله عنه وفيه الروم فقتلوا وأخرجوا منه إلى الآن لا يدخلونه إلا مستخفين . وقوله : { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ } . قال السدي : هي ما نصر الله عز وجل بني إسرائيل ، إذ غزوا النبط ، فأصابوا منهم واستنقدوا ما في أيديهم . وقيل : هو إطلاق الملك الذي غزاهم [ ما في يديه من ] أسراهم ورد ما كان أصاب من أموالهم من غير قتال ، سخره الله عز وجل لذلك فهو رد الكرة لبني إسرائيل . وقيل : هي نصر الله عز وجل إياهم على جالوت حتى قتلوه . وقوله : { وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } . أي : عدد [ اً ] ، وذلك في أيام داود .