Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 7-8)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } إلى قوله : { لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } . المعنى : أن الله أخبرنا عما قال لبني إسرائيل في التوراة لنتأسى بذلك { إِنْ أَحْسَنْتُمْ } ، يا بني إسرائيل أي : [ إن ] أطعتم الله فيما أمركم به على نعمه عندكم إذا دلكم من عدوكم { أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ } أي : ما فعلتم من ذلك لأنفسكم تفعلوه ، وعليكم يعود نفعه . { وَإِنْ أَسَأْتُمْ } أي : عصيتم الله [ عز وجل ] { فَلَهَا } أي : فإلى أنفسكم تسيئون . لأن ضرره عليكم يعود . وقيل : معنى { فَلَهَا } أي : إليها . كما قال : { أَوْحَىٰ لَهَا } [ الزلزلة : 5 ] أي : إليها . أي : فإلى أنفسكم يعود الضرر . وقيل : اللام على بابها [ على معنى ] فلها يكون العقاب على الإساء . ثم قال تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } . والمعنى : فإذا جاء الفساد الثاني من فسادكم يا بني إسرائيل ، وهو قتلهم يحيى على ما ذكرنا { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ } أي : خلينا بينكم وبينهم ، ولم نمنعهم منكم . فبعث الله عليهم بختنصر فقتل المقاتلة وسبى الذراري وأخذ ما وجد من الأموال ودخلوا بين المقدس . وهو قوله : { وَلِيَدْخُلُواْ [ ٱلْمَسْجِدَ ] كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } فتبروه وخربوه وألقوا فيه الجيف والعذرة . وقيل : [ ليسوءا ] معناه : أمرناهم بغزوكم بما عصيتم وأفسدتم . { لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ } [ أي ] : ليسوء المبعوثون عليكم وجوهكم . ومن قرأ بفتح الهمزة ، فمعنى : " ليسوء " الوعد بسوء الله . أو ليسوء العذاب . ومن قرأ بالنون فهو على الأخبار عن الله جل ذكره . وقوله : { وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . أي : كما دخلوه في الانتقام / منكم في فسادكم الأول . وقوله : { وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } . قال قتادة معناه : ما علوا عليه . وقيل معناه : ويتبروا ما داموا عالين . وحقيقة أن ما ، وما بعدها في موضع نصب على الظرف . والتقدير : وليتبروا وقت غلبتهم . والتتبير التدمير . وقوله : { مَا عَلَوْاْ } عند الزجاج [ ما ] في موضع الحال . أي : وليدمروا في حال علوهم . ثم قال تعالى : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } . المعنى : لعل ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بالقوم الذين يبعثهم عليكم . و { عَسَىٰ } من الله واجبة وقد فعل بهم ذلك فكثر عددهم وجعل منهم الملوك والأنبياء . ثم قال : { وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا } . أي : [ و ] إن عدتم [ لـ ] ـمخالفة أمري ، وقتل أنبيائي عدنا عليكم بالقتل والسباء والذلة والصغار . فعادوا ، فعاد الله عليهم بذلك . إذ بعث محمداً صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس : عادوا فعاد ، ثم عادوا فعاد . فسلط الله عليهم ثلاثة ملوك فارس . وعنه : عادوا فسلط الله عليهم المؤمنين . وقال قتادة : عادوا فسلط الله عليهم محمداً [ صلى الله عليه وسلم ] يعطونه الجزية عن يد وهم صاغرون . وقال الضحاك : الرحمة هنا بعث محمد صلى الله عليه وسلم . وقال الأخفش : المعنى : عسى ربكم أن يرحمكم إن فعلتم ذلك . ثم قال : { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً } . أي : سجناً يسجنون فيها . قاله قتادة وغيره . وقال ابن عباس : { حَصِيراً } مأوى . وقال الحسن : { حَصِيراً } بساطاً ومهاداً كما قال : { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [ الأعراف : 41 ] . ويقال للملك : { حَصِيراً } بمعنى محصوراً لأنه محجوب عن الناس . ويقال للبخيل : حصوراً وحصيراً لمنعه ما عنده ، ومنه الحصر في المنطق لأنه يمتنع عليه الكلام . ومنه الحصور عن النساء لامتناع الجماع عليه ، ومنه الحصر في الغائط إذا احتبس عليه . وقيل للحصير المنسوج حصيراً ، لأنه حُصِرت جوانبه عن أن تنفلت . وقيل : لأنه حصرت طاقـ [ ـا ] ته بعضها من بعض .