Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ } إلى قوله : { إِلاَّ كَذِباً } . معناه : على قول ابن عباس ، في رواية الضحاك وابن جريج عنه : الله المحمود بالذكر وبكل لسان ، والمحمود على كل فعل والمعبود في كل مكان ، الذي هو كل يوم في شأن لا يشغله شأن عن شأن . ومعنى الآية : في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة : أنزل على عبده الكتاب قيماً ولم يجعل له عوجاً . فقيماً حال من الكتاب ، وهو قول : الكسائي والفراء وأبي عبيدة . وقال : غيرهم : " قيماً " : منصوب بإضمار فعل ، أي : ولكن جعله قيما ، فهو مفعول ثان ليجعل المضمرة . والوقف على " الكتاب " : على القول الأول : لا يجوز ، وعلى الثاني يجوز . وقيل إنّ المعنى : أنزله قيماً ، فيكون نصبه على الحال من الهاء المضمرة مع الفعل المضمر . ومعنى " عوجاً : أي : مخلوقاً " . كذلك قوله : { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } [ الزمر : 28 ] أي : غير مخلوق ، قاله : ابن عباس . والعِوج : بالكسر في العين في كل ما ليس له شخص : مثل الدين ، والأمر ، والرأي . فإن كان له شخص كالخشبة والحائط وشبهه فهو بفتح العين . ومعنى الآية : الحمد لله الذي خص برسالته محمداً ، وأنزل عليه كتابه قيماً . قال : الضحاك : " قيماً " : مستقيماً . وقال ابن عباس : عدلاً . وقال ابن إسحاق : معتدلاً [ لا ] اختلاف فيه . وقيل معناه : قيماً على الكتب [ يصدق ] بصدقها لا اختلاف فيه ولا تفاوت ، بل يصدق بعضها بعضاً ، لا عوج فيه عن الحق ولا ميل . وهذه السورة نزلت في الأخبار من عند الله [ عز وجل ] بأمور سألت قريش النبي عليه السلام عنها ، علمهم السؤال عن ذلك اليهود وقالوا لهم : إن أخبركم بها فهو نبي ، وإن لم يخبركم بها فهو متقول . فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواب / عنها . فأبطأ الوحي عليه بعض الإبطاء ، فتحدث المشركون بأنه أخلفهم موعدهم فأنزل الله [ عز وجل ] هذه السورة جواباً لهم . فافتتحها بحمد الله على نعمه ، وتثبيته رسالة محمد عليه السلام ، وأن الله [ عز وجل ] أنزل عليه الكتاب ، وأنه صادق فيما أتاكم به من خبر أهل الكهف ، وخبر ذي القرنين ، وغيره مما سألوه عنه ، من تعليم اليهود إياهم ذلك ، فهذا معنى قول ابن ابن عباس وغيره . وقوله : { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً } . أي : أنزل الكتاب على عبده لكي ينذركم بأساً شديداً من عند الله . فالمفعول الأول محذوف . ومثله { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } [ آل عمران : 175 ] أي : يخوفكم أولياءه . ثم قال : { وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } . أي : ويبشر المصدقين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم . { ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } وهو العمل بما أمر الله [ عز وجل ] [ به ] ، والانتهاء عما نهى الله [ سبحانه ] عنه . { أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } . أي : ثواباً جزيلاً من الله [ سبحانه ] على أعمالهم وتصديقهم وهو الجنة . { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } . أي : لابثين فيه أبداً . ثم قال : { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } . يعني : قريشاً الذين قالوا : إنما نعبد الملائكة وهن بنات الله [ سبحانه وتعالى عما يقولون ] . { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ } . أي : ما لهم بهذا القول علم { لآبَائِهِمْ } . ثم قال : { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } . أي : كبر قولهم : { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } من كلمة . وفيه معنى التعجب كأنه قال : ما أكبرها من كلمة . كما تقول لقصو الرجل بمعنى : ما أقصاه . وقرأ الحسن ، ومجاهد ، ويحيى بن يعمر ، وابن أبي إسحاق { كَبُرَتْ كَلِمَةً } بالرفع على معنى : عظمت كلمتهم . يقال : كبُر الشيء إذا عَظُمَ ، وكبِر [ الرجل ] إذا أسن ، [ بكسر الباء ، والأول بالضم ] . { إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } . أي ما يقول هؤلاء إن الله اتخذ ولداً إلا كذباً وتخرصاً .