Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 21-24)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } إلى قوله : { مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } . أي : كما بعثناهم بعد طول رقدتهم { وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي : أطلعنا عليهم الفريق الذين كانوا في شك من بعث الأجساد [ ليعلموا أن وعد الله حق في بعث الأجساد ] يوم القيامة وأن الساعة لا ريب فيها أي : إتيانها لا شك فيه . ثم قال : { إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } . أي : أطلعنا عليهم إذ يتنازعون ، أي : وقت المنازعة في بعث الأجساد . والمنازعة المناظرة . وقيل : المعنى : ليعلموا في وقت منازعتهم أن وعد الله في بعث الأجساد حق فيكون العامل في " إذ " على القول الأول " أعثرنا " وعلى الثاني " ليعلموا " . ثم قال : { [ فَقَالُواْ ] ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً } . أي قال الذين اطلعوا على أمرهم : ابنوا عليهم بنيانا { رَّبُّهُمْ [ أَعْلَمُ بِهِمْ ] } أي : [ الله ] أعلم بشأنهم قال ذلك : الكافرون . { قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } قال ذلك : المسلمون . قال : عبيد بن عمير عمى الله [ عز وجل ] على الذين أعثرهم / على أصحاب الكهف مكانهم فلم يهتدوا ، فقال المشركون : نبني عليهم بنياناً فإنهم أبناء آبائنا ، ونعبد الله فيها . وقال المسلمون : نحن أحق بهم ، فإنهم منا ، نبني عليهم مسجداً نصلي فيه ، ونعبد الله عز وجل فيه . وقال قتادة : { ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ } الولاة . وقد روى ابن وهب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليحجن عيسى ابن مريم عليه السلام في سبعين . منهم أصحاب الكهف مسورين مخلخلين بالفضة " . ثم قال : { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } . [ أي : سيقول بعض الخائضين في أمر الفتية هم ثلاثة رابعهم كلبهم ] ويقول بعضهم : خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ، أي : قذفاً بالظن . ويقول بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم . قل [ يا محمد للقائلين ذلك ] ربي أعلم بعدتهم ما يعلم عددهم إلا ناس قليل من خلقه ، قاله قتادة . وقال ابن عباس : عني بالقليل هنا أهل الكتاب . وكان يقول : أنا ممن استثنى الله [ عز وجل ] . وروي عنه أنه قال : أنا من ذلك القليل . ويقول : عددهم سبعة ، وكذلك قال : عكرمة وابن جريج هم سبعة وثامنهم كلبهم . ثم قال تعالى : { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } . أي : [ لا ] تجادل في عدد أصحاب الكهف يا محمد أحداً من اليهود { إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } أي : بما أنزل عليك من القرآن تتلوهم عليهم لا غير . وقال ابن عباس : يقول حسبك ما قصصت عليك في أمرهم فلا تمار فيهم . قال مجاهد : { إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً } إلا ما قد أظهرنا لك من أمرهم . وقال ابن زيد : معناه : أن نقول لهم : ليس كما تقولون ، ليس كما تدعون . ثم قال : { وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } . أي لا تستفت في أهل الكهف أحداً من أهل الكتاب فإنهم لا يعلمون ذلك . ثم قال : { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } . هذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم عهد إليه ألا يجزم في الأمور أنه كائن لا محالة إلا أن يصله بمشيئة الله . إذ لا يكون شيء إلا بمشيئته وأمره . وإنما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم [ لأنه ] وعد سائليه عن المسائل التي تقدم ذكرها أن يجيبهم عنها غد يومهم ولم يستثن . فاحتبس الوحي عنه من أجل ذلك خمس عشرة ليلة حتى حزنه إبطاؤه . ثم أنزل عليه الجواب فيهن فعرف الله [ عز وجل ] نبيّه [ عليه السلام ] سبب احتباس الوحي عنه وعلمه ما الذي ينبغي له أن يستعمله في عداته فيما يحدث من الأمور التي [ لم ] يأته من الله عز وجل فيها تنزيل . وتقدير { أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } عند الكسائي والفراء : إلا أن يقول إن شاء الله . وقال البصريون : المعنى : إلا بمشيئة الله [ عز وجل ] . فأن : في موضع نصب على حذف [ الباء على ] هذا . ثم قال : [ تعالى ] : { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } . معناه عند ابن عباس : واستثنِ في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت [ ذلك ] في حال اليمين . قال فيه : [ فإن ] له أن يستثني ولو إلى سنْة ، وكذلك قال : أبو العالية ، والحسن . وقال عكرمة : معناه : واذكر ربك / إذا عصيت . وقيل : معناه : واذكر ربك إذا تركت ذكره لأن أحد معاني النسيان التي استعمل بها الترك . ومعنى قول : من أجاز الاستثناء بعد سنة أنه يسقط ذلك الاستثناء الحرج بتركه ما أمر به في الاستثناء لأن الله [ عز وجل ] أمر بالاستثناء . فإذا ذكر الإنسان ، متى ما ذكر يمينه ، وجب عليه أن يستثني فيسقط عنه الحرج في تركه ما أمر به ولا يسقط ذلك لكفارة إذا حنث [ إلا أن يكون الاستثناء متصلاً باليمين فيسقط عنه الكفارة إذا حنث ] ، والحرج جميعاً ، هذا معنى قول ابن عباس : أنه يستثني بعد سنة . ولم يقل أحد أن الاستثناء بعد حين يسقط عنه الكفارة إذا حنث . ولو وجب أن يسقط الكفارة بالاستثناء بعد حين لم يكن قوله تعالى : { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } [ المائدة : 89 ] الآية . فائدة : لأنه كان يستثني كل من أراد الحنث متى ما أراد الحنث ولا يكفر ، وتبطل فائدة الآية ، ولا يلزم أحد الكفارة . ويدل على ذلك أيضاً ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر وليأت الذي هو خير " فأمر بالكفارة عند الحنث ، ولم يقل : فليقل إن شاء الله . ثم قال : { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } . أي قل لهم يا محمد لعل ربي أن يرشدني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه يكون إن هو شاء . وقيل : إن هذا أمر من الله [ عز وجل ] لنبيه [ صلى الله عليه وسلم ] أن يقوله إذا نسي الاستثناء في كلامه الذي هو عنده في أمر مستقبل مع قوله إن شاء الله إذا ذكر ذلك . وقيل : المعنى قل لعل ربي أن يعطيني من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب من الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف .