Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-20)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } إلى قوله : { إِذاً أَبَداً } . أي فكما أرقدناهم على هذه الصفة ، كذلك بعثناهم من رقدتهم { لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ } أي : ليسأل بعضهم بعضاً و [ نعرفهم ] عظيم قدرتنا فيهم فيزدادوا بصيرة في أمرهم وفي إيمانهم إذ لبثوا مدة عظيمة من الزمان وهم في هيئهم لم يتغيروا ولا تغيرت ثيابهم . ثم قال : { قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ } . أي : بعثناهم ليتساءلوا . فتساءلوا فقال : قائل منهم . كم لبثتم ؟ وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول رقدتهم . { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } . وهذا يدل على أن الرعب منهم لمن رآهم لم يكن لطول شعورهم وأظفارهم ، إذ لو كان كذلك لعاينوا من أنفسهم أمراً يمنعهم أن يقولوا لبثنا يوماً أو بعض يوم . فقال الآخرون : { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } ويجوز أن يكون لما رأوا من طول شعورهم وأظفارهم ما أنكروا { قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } ردوا العلم إلى الله في ذلك [ سبحانه ] . قال ابن جبير : قال أحدهم : لبثنا يوماً ، وقال الآخر : لبثنا نحوه ، فقال كبيرهم : لا تختلفوا ، فإن الاختلاف هلكة { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ } يعنون مدينتهم التي خرجوا منها . قال : ابن عباس : كانت ورقهم كأخفاف الرُّبع ، وهو صغار الإبل ، وقال : إنهم قاموا من رقدتهم جياعاً فلبثوا في طلب الطعام . ومعنى : { أَزْكَىٰ طَعَاماً } عند عكرمة أكثر ، وهو قول أبي عبيدة . وقال : ابن جبير : أحل ذبيحة ، لأن القوم كانوا مجوساً . وعن ابن عباس { أَزْكَىٰ طَعَاماً } أطهر طعاماً . وقال : مقاتل : أزكى طعاماً " أطيب طعاماً . وقال : قتادة خير طعاماً وقيل : أرخص . وعن ابن عباس : ازكى طعاماً " أطهره لأنهم كانوا يذبحون الخنازير . { فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ } أي : بطعام { وَلْيَتَلَطَّفْ } أي : يرفق { وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } أي : لا يعلمن بكم أحداً من الناس . { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ } أي : إن أهل قريتكم الكفار أن يطلعوا عليكم { يَرْجُمُوكُمْ } أي : يقتلوكم { أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ } أي : يردوكم عن دينكم [ إلى دينهم ] { وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً } أي : لن تفلحوا أن رجعتم إلى دينهم وعبادة أوثانهم [ أبداً ] . قال وهب بن منبه : غبروا بعدما بني عليهم باب الكهف زماناً بعد زمان . ثم إن راعياً أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف ، وأدخلت غنمي من المطر . فلم يزل يعالجه حتى فتح ما دخل منه . ورد الله إليهم أرواحهم في أجسادهم من الغد حين أصبحوا ، فبعثوا أحدهم بورق يشتري لهم طعاماً ، فلما أتى باب مدينتهم رأى شيئاً ينكره . حتى دخل [ على رجل ] فقال : يعني بهذه الدراهم طعاماً . فقال : من أين [ لك ] هذه الدراهم ؟ قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس وأتى الليل ثم أصبحوا فأرسلوني . فقال : هذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان ، فأنى لك بها ؟ فرفعه إلى الملك ، وكان ملكاً صالحاً فقال : [ من ] أين لك هذا الورق ؟ فقال : خرجت أنا وأصحاب لي / أمس حتى أدركنا الليل في كهف كذا وكذا . ثم أمروني أن أشتري لهم طعاماً . فقال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف . قال : فانطلقوا معه حتى أتوا باب الكهف فقال : دعوني أدخل إليهم قبلكم . فلما رأوه ودنا منهم ضرب على ءاذانهم فجعلوا كلما دخل رجل منهم أرعب . فلم يقدروا على أن يدخلوا إليهم فبنوا عندهم كنيسة واتخذوها مسجداً يصلون فيه . وقال عكرمة : كان أصحاب الكهف أبناء ملوك الروم ، ورزقهم الله الإسلام فاعتزلوا قومهم ، حتى انتهوا إلى الكهف . فلبثوا دهراً طويلاً حتى أهلكت أمتهم . وجاءت أمة مسلمة وملكهم مسلم . فاختلفوا في الروح والجسد فقال قائل : يبعث الروح أما الجسد فتأكله الأرض فلا يكون شيئاً . فشق على ملكهم اختلافهم فانطلق فلبس المسوح ، وجلس على الرماد ، ثم دعا الله [ عز وجل ] فقال أي رب قد ترى اختلاف هؤلاء ، فابعث لهم آية تبين لهم ، فبعث الله [ عز وجل ] أصحاب الكهف . فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاماً . فدخل السوق فجعل ينكر الوجوه ، ويعرف الطرق ، ويرى الإيمان بالمدينة ظاهراً . فانطلق وهو مستخف حتى أتى رجلاً يشتري منه طعاماً فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها فقال له الفتى : أليس ملككم فلاناً ؟ قالوا : لا ملكنا فلان ، فلم يزل ذلك بينهما حتى دفعوه إلى الملك فسأله ، فأخبره الفتى خبر أصحابه . فبعث في الناس فجمعهم ، فقال : إنكم قد اختلفتم في الروح والجسد ، وإن الله عز وجل قد بعث لكم آية ، فهذا رجل من قوم فلان ، يعني : ملكهم الذي مضى . فقال الفتى : انطلقوا بي إلى أصحابي . فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهوا إلى الكهف . فقال الفتى : دعوني أدخل إلى أصحابي . فلما أبصرهم ضرب على أذنه وآذانهم ، فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل الناس معه فإذا أجسادهم لا ينكرون منها شيئاً غير أنها لا أرواح فيها . فقال الملك : هذه آية : بعثها الله [ عز وجل ] لكم . ورويَ في هذا أخبار طويلة ترجع إلى هذا المعنى .