Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 27-28)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ } إلى قوله { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } . المعنى : واتبع يا محمد ما أنزل إليك من كتاب [ ربك ] والزم تلاوته والعمل بما فيه { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } أي : لا مغير لما وعد بكلماته التي أنزلها عليك . ثم قال : { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } . أي وإن لم تفعل ما أمرت به من الاتباع للكتاب ولزوم التلاوة فلن تجد من دونه ملتحداً . قال : مجاهد [ " ملتحداً " ] ملجأً . وقيل معناه : موئلاً . وقيل : معدلاً والمعنى واحد . وهو مفتعل من اللحد . يقال : لحدت إلى كذا أي ملت إليه . ولذلك قيل لِلَّحد لَحْد لأ [ نه ] في ناحية القبر وليس هو الشق الذي في وسطه . ومنه الالحاد في الدين لأنه ميل عن الحق فيه . ثم قال : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } . والمعنى أن الله يقول لنبيّه عليه السلام : احبس نفسك يا محمد في أعمال الطاعت { مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } بالذكر والحمد والتضرع يريدون بذلك وجه الله . { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } . أي : لا تصرفهما عنهم إلى غيرهم من الكفار . وقال : ابن المسيب : هم أهل الصلاة المكتوبة ، ومثله عن مجاهد . وروي أن ذلك نزل في الذين [ كان ] النبي صلى الله عليه وسلم يقرئهم القرآن أُمّر أَن يصبر نفسه ليقرئهم . وروي أنه أمر للنبي عليه السلام أمر أن يقرئ الناس القرآن . [ و ] هذه الآية نزلت في جماعة من عظماء المشركين أتوا النبي عليه السلام وقالوا له : باعد عنك هؤلاء الذين رائحتهم رائحة الظأن وهم موال وليسوا بأشراف ، لنجالسك ونفهم عنك ، يعنون بذلك خباباً وصهيباً وعماراً وبلالاً ومن أشبههم فأمر [ ه ] الله [ عز وجل ] [ ألا ] يفعل ذلك وأن يقبل عليهم ولا يلتفت إلى غير [ هم ] من المشركين . فهو / قوله { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } يعني المشركين الذين أمروه أن يبعد عنهم هؤلاء المؤمنين . وقيل : عني بذلك عيينة بن حصن والأقرع بن حابس . " ولما نزل ذلك على النبي عليه السلام وهو في بيته التمسهم فوجد قوماً يذكرون الله [ عز وجل ] ثائري الرؤوس والجلود وفي ثوب واحد فلما رآهم قال : " الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم " " . وفي ذلك نزل { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [ الأنعام : 52 ] . وذلك أن النبي عليه السلام همّ بابعادهم طمعاً أن يؤمن به عظماء قريش فنهاه الله [ عز وجل ] عن ذلك . وقيل [ معنى ] { يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } : يعني صلاة الصبح والصلاة بالعشي . وقيل : هم الذين يقرءون القرآن . ثم قال : تعالى : { تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } . فمعنى تريد زينة الحياة الدنيا أي تريد مجالسة الأشراف ذوي الأموال ، وهم كفار ، وتترك مجالس المؤمنين الفقراء . وروي أنهم كانوا لا يلبسون الأثياب الصوف من الفقر . وقال : مجاهد : { وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } أي ضائعاً ، وعنه ضياعاً . وقيل معناه : ندامة . وقيل هلاكاً . وقال : ابن زيد معناه : مخالفة للحق . وهو من قولهم أفرط فلان في كذا ، إذا أسرف فيه وجاوز قدره فيكون معناه وكان أمره سرفاً في كفره وافتخاره وتكبره .