Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 42-45)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال : تعالى : { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } إلى قوله : { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } . المعنى : وأحاط الله [ عز وجل ] بثمره أي أحاط عذاب الله [ عز وجل ] بثمره . والثمر أنواع المال . ولو كان الثمر المأكول لوجب أن يكون لم يهلك من ماله إلا ثمر شجرة [ و ] ليس الأمر على ذلك . بل هلك كل ماله في الجنتين وهلكت الجنتان مع ذلك . وقوله : { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا } . هذا مثل للنادم المتأسف على ما ذهب له أن يقلب كفيه ظهراً لبطن على ذهاب نفقته في جنته { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } أي حيطانها قائمة لا سقوف عليها . قد تهدمت سقوفها [ و ] بقيت حيطانها ، فصارت الحيطان كأنها على السقوف إذ صارت السقوف تحت الحيطان . وقال : مجاهد { يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ } أي يصفق كفيه . أي يضرب كفاً على كف ، وهذا يفعله صاحب المصيبة إذا نزلت به . { يَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً } . هذا ندم منه على ما تقدم من شركه به لما عاين ذهاب ماله والانتقام منه في الدنيا . والمعنى ويقول إذا عاين عذاب الآخرة ذلك . لم يندم على الشرك في الدنيا ، إذ لو ندم على شركه / في الدنيا لكان مؤمناً . ثم قال : { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . أي لم تكن له عشيرة ينصرونه من هلاك جنته . وقيل من العذاب ، قاله مجاهد . وقال : قتادة : " فئة جنده . { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } . أي ما كان ممتنعاً من عذاب الله [ عز وجل ] إذا عذبه [ سبحانه ] . ثم قال : تعالى : { هُنَالِكَ ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } . أي لم يكن ممتنعاً { هُنَالِكَ } ثم ابتدأ فقال : { ٱلْوَلاَيَةُ لِلَّهِ ٱلْحَقِّ } فلا يوقف على " منتصراً " على هذا التقدير . ويجوز أن يكون { هُنَالِكَ } ظرفاً للولاية ، فيحسن الوقف على " منتصراً " . و " الولاية " بفتح الواو ، في الدين مصدر للولي ، من قوله { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ } [ الأعراف : 196 ] ومعناه يتولى المؤمنين [ و ] قال : الفراء والكسائي الولاية بفتح الواو يعني به النصرة ، أي هنالك النصرة لله [ عز وجل ] . ودل على هذا قوله : { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } . والولاية بكسر الواو السلطان والقدرة . وهو مصدر وليت الشيء ولاية ، فهو مصدر الوالي ، هذا قول الكسائي والفراء . والمعنى ثم القدرة والنصرة والسلطان لله [ عز وجل ] وثم إشارة إلى يوم القيامة . وأجاز أبو إسحاق " الحق " بالنصب على المصدر . أي أحق الحق . ولم يقرأ به أحد . ثم قال : { هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً } . أي الله خير المثيبين في العاجل والآجل ، { وَخَيْرٌ عُقْباً } أي عاقبة في الأجل إذا صار إليه المطيع له . والعقب العاقبة وهي العقبا وذلك ما يصير إليه الأمر . ثم قال : { وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } . أي واضرب للمشركين يا محمد الذين رغبوا [ في الدنيا ] واختاروها على الآخرة فسألوك أن نطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه للدنيا . { مَّثَلَ } أي شبهاً . { كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ } . أي كمطر أنزله الله من السماء { فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً } فمثل الدنيا كمثل هذا النبات الذي حسن استواؤه بهذا المطر ثم انقطع عنه فعاد هشيما . أي : يابساً فتاتاً { تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ } لا فائدة فيه . وكذلك الحياة الدنيا ، بينما الإنسان في غضارتها مغتبطاً إذ أتاه الموت فيبطل كل ما كان فيه . وقيل : معنى المثل المستحسن من الدنيا المشتهى المستحلى من نعمها ، كله [ يبطل ] ويفسد بالفناء والزوال والانقلاب من الحال المستحسنة [ إلى الحال المستقبحة ] كما انتقل النبات عن الخضرة والطراء إلى الجفاف والاسوداد والهلاك . فلا ينبغي لمن لطف نظره وصح تمييزه أن يعتد من الدنيا بما لا يبقى عليه ولا يحصل له نفعه . ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } . أي قادراً لا يفوته شيء . ومعنى { وَكَانَ ٱللَّهُ } فأتى بالخبر عن الماضي أنه على [ معنى : أن ] ما شاهدتموه من قوته ليس بحادث بل لم يزل على ذلك . هذا مذهب سيبويه . وقال : الحسن معناه : وكان مقتدراً عليه قبل كونه . وكذا الجواب عن كل ما أخبر الله [ عز وجل ] به عن نفسه بالماضي .