Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 35-41)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ } إلى قوله { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } . أي دخل هذا الذي له جنتان جنته ، وهو كافر بالله [ سبحانه ] وبالبعث شاكاً كما في قيام الساعة ، وذلك ظلمه لنفسه ، فقال : { مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } لما رأى جنته وحسن ما فيها من الثمار والأنهار شك في المعاد . فقال : ما أظن أن تبيد هذه الجنة أي لا تخرب ولا تفنى . ثم قال : { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ [ قَائِمَةً ] } شك في قيام الساعة . ثم قال : غير موقن بالبعث : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } يقول : إن كان ثَمَّ بعثٌ فلي عند ربي خير من جنتي . لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منهما في المعاد إن كان ثم معاد . وتحقيق المعنى ، ولئن رددت إلى ربي ، على قول صاحبي وقد أعطاني هذا في الدنيا فهو يعطيني في الآخرة أفضل من ذلك . فدل هذا على أن صاحبه المؤمن أعلمه أن ثم بعث ومجازاة . ومثله { أَيْنَ شُرَكَآئِيَ } [ النحل : 27 ] فأضافهما إلى نفسه ، والمعنى أين شركائي على قولكم . ثم قال : تعالى : { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } . أي قال : له صاحبه المؤمن وهو يخاطبه { أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ } يعني خلق آدم أباك من تراب { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي : خلقك أنت من نطفة الرجل والمرأة . { ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } أي عدلك سوياً رجلاً لا امرأة ، فكفرت به أن يعيدك خلقاً جديداً بعد موتك . [ { لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي } أي ] لكن [ أنا ] أقول هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً . وهذا يدل على أن صاحب المال كان مشركاً إذ نفى هذا المؤمن الإشراك عن نفسه . ثم قال : { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أي هلا إذ دخلت بستانك فأعجبك ما رأيت فيه قلت : ما شاء الله كان ولا قوة على ما نحاول من الطاعة إلا بالله ، قال : أبو عامر الباجي : من أكثر من قول ما شاء الله لم يصبه شيء إلا رضي به . قال : أبو محمد [ رضي الله عنه ] : وقوله المسلمين بأجمعهم ما شاء الله كان ، وقبولهم لهذا القول واستمالتهم له بأجمعهم يدل / على أن ما حدث في الدنيا وما يحدث من خير وشر فبمشيئة الله [ سبحانه ] ، وبقدرته [ عز وجل ] وإرادته [ تعالى ] [ كان ] خلافاً لقول المعتزلة أن ثم أشياء كثيرة حدثت بغير مشيئة الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً ، بل كل بمشيئته وارادته يفعل ما يشاء . كما قال { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ } [ الحج : 18 ] ولو حدث شيء بغير مشيئته وإرادته لكان مقهوراً مغلوباً ، جل وتعالى عن ذلك . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة تحت العرش ؟ قال : قلت : بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله . قال : [ لا ] قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال : الله : " أسلم عبدي واستسلم " . ثم قال : [ له ] : { إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } أي : في الدنيا { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً [ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ] } أي : عذاباً . وواحد الحسبان حسبانة وهي المرامي ، قاله قتادة والضحاك وقال : ابن زيد الحسبان قضاء الله [ عز وجل يقضيه ] . والحسبان في اللغة الحساب كما قال : تعالى : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } [ الرحمن : 5 ] أي : بحساب . وتقدير الآية على هذا : أن يرسل عليها عذاب حسبان ما كسبت يداك مثل { وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] . ثم قال : { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } . أي : فتصبح أرضاً ملساء لا شيء فيها من شجر ولا غرس ، { زَلَقاً } لا ينبت في أرضها قدم لإملاسها ودروس ما كان ثابتاً فيها . والصعيد وجه الأرض الذي لا نبات فيه قال : قتادة { صَعِيداً زَلَقاً } أي قد حصد ما فيها ولم يترك شيء . قال : ابن عباس : مثل الجرز . ثم قال : { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً } . أي غائراً . وهو مصدر وضع موضع اسم الفاعل كما قال : رجل عدل أي عادل . وهذا مما يبقى على لفظه في الواحد والاثنين والجماعة والمؤنث . ومعنى غائر ذاهب في الأرض فلا يلحقه الرشاء . ثم قال : { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } . أي : فلن تدرك الماء الذي كان في جنتك إذا غار .