Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 108-108)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } . " أم " تقع منقطعة بعد الخبر والاستفهام تقول : " جاءني زيد " ثم تقول : " أم جاءني عمرو " ، وتقول : " هل عندك زيد أم [ عندك عمرو ] ، " و - أزيد عندك أم لا ؟ " كأنه في هذا كله أدركه الشك ، بعد أن مضى صدر الكلام فاستدرك بـ " أم " . وتكون " أم " عاطفة بعد الاستفهام خاصة ، تدل على ثبوت أحد الشيئين غير معين وعن عينه يسأل بها . فهي بمنزلة أيهما عندك " فتسأل عن العين بعد أن يستقر عندك أن ثمّ شخصاً ولا تدري من هو ، ولا يكون الجواب إلا بالعين . يقول المجيب : " قلان أو فلان " ولا يجوز أن يقول : " لا ، ولا نعم . وإنما لا ونعم جواب . أو إذا قلت : " أذا عندك أو ذا ؟ " . وتقول " سواء علي أقمت أم قعدت " ، فبالتسوية أجريته مجرى الاستفهام لأنك سويت الأمرين في علمك ، كما استوى علمك في قولك : " أزيد عندك أم عمرو ؟ " . فالتسوية تُجري هذا على حروف الاستفهام ، كما أجرى الاختصاص ما ليس بمنادى على حروف النداء . قال بعض النحويين في { أَمْ تُرِيدُونَ } : " معناه : أتريدون " . وقيل : هي منقطعة مما قبلها بمنزلة قول العرب : " إنها لإبل أم شاء " . وهذا القول بعيد لأنه لا يصح في أكثر كلام العرب إلا على حدوث شك دخل المتكلم ، وذلك لا يليق بالقرآن . وقيل : إنها مردودة على الاستفهام الذي قبلها وهو { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } لأنه بمعنى : " ألم تعلموا " ، ثم قال : { أَمْ تُرِيدُونَ } . قوله : { كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } . قال ابن عباس : " [ أتى رجلان من ] اليهود إلى النبي [ عليه السلام ] فقالا له : إئتنا بكتاب نقرأه ، وفَجِّر لنا أنهاراً نتبعك . فأنزل الله عز وجل : { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } الآية . ومعنى { سُئِلَ مُوسَىٰ } ، هو قولهم : { أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً } . وقال مجاهد : " سألت قريش [ النبي عليه السلام ] أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، فقال : نعم ، هو لكم كالمائدة لبني إسرائيل . فأبوا ورجعوا ، فأنزل الله تعالى : { أَمْ تُرِيدُونَ } الآية " . وقال أبو العالية : " جاء رجل إلى النبي / [ عليه السلام ] فقال : لو كانت كفاراتنا كفارات بني إسرائيل . فقال النبي [ عليه السلام لا نبغيها ] : مَا أَعْطَاكُمُ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا أَعْطَى بَنِي إِسْرائِيلَ ؛ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا أَصَابَ أَحَدُهُمْ الْخَطِيئَةَ وَجَدَهَا مَكْتُوبَةً عَلَى بَابِهِ وَكَفّارَتَها ، فَإِنْ كَفَّرَهَا كَانَتْ لَهُ خِزْياً في الدُّنْيا . وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ، كَانَتْ لَهُ خِزْياً فِي الآخِرَةِ . فَقَدْ أَعْطَاكُمُ الله خَيْراً مِمّا أَعْطَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قال : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } و " الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ كَفَّارَات لِمَا بَيْنَهُنْ " . و " مَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ [ لَهُ حَسَنَةٌ ، فَإنْ ] عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عشْر أَمْثَالِهَا " ثم أنزل الله بعقب ذلك : { أَمْ تُرِيدُونَ } / الآية . قوله : { وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } . / قال أبو العالية : " الشدة بالرخاء " . وقيل : الجحود بالإيمان ، وهو أولى . قوله : { فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } . أي : ذهب عنه وزاغ . والسواء هنا قصده ومنهجه . وأصل السواء الوسط .