Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 115-115)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } . معناه : إنَّ له / ما بين مشرقها / كل يوم ، ومغربها كل يوم ، وإنما خص الله تعالى ذكره ذا أنه له وإن كان كل الأشياء له لأنه نزل في أمر معين ، وذلك أن اليهود كانت تصلي نحو بيت المقدس ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم معهم إليها ستة عشر شهراً ، ثم رجع إلى الكعبة . فاستعظم اليهود ذلك ، وقالوا : ما ولاّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فقال الله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد ، لله المشرق والمغرب يصرف من يشاء إلى أين يشاء ، فحيثما تولوا فثمّ وجه الله . فهذا أول ناسخ في القرآن لأنه نسخ التوجه إلى بيت المقدس . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس بأمر من الله تعالى ، وكان يحب قبلة إبراهيم [ عليه السلام ] ، وكان يدعو أو ينظر إلى السماء فأنزل الله : { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ البقرة : 144 ] فارتابت اليهود من ذلك فأنزل الله عز وجل : { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } الآية . وقال قتادة : " هذا منسوخ ، وذلك أن الله تعالى أباح لهم أولاً التوجه حيث شاءوا ، وأخبرهم أنه أينما تولوا وجوهكم فثمَّ وجه الله ، لأن له المشارق والمغارب ، ثُمَّ نسخ ذلك بقوله : { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } . وقال ابن زيد : " لما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } وأباح له التوجه أين شاء . قال : هؤلاء يهود يستقبلون بيتاً من بيوت الله ، فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم معهم فبلغه أنهم قالوا : ما درى محمد ولا أصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم . فكره ذلك النبي / صلى الله عليه وسلم ورفع وجهه إلى السماء فأنزل الله { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ } الآية ، فاستقبل الكعبة " . وقال ابن عمر : " الآية نزلت في التطوع ، وكان يصلي حيثما توجهت به الراحلة ويقول : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } " . وقيل : " نزلت في قوم عميت عليهم القبلة ، فصلوا إلى جهات مختلفة ، فأعلموا أن صلاتهم ماضية " . وروى عامر بن ربيعة عن أبيه أنه قال : " كنا مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في سفر فتغيمت السماء وأشكلت علينا القبلة . قال : فصلينا وعَلِمْنَا ، فلما طلعت الشمس ، إذا نحن صلينا لغير القبلة ، وذكرنا ذلك لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأنزل الله هذه الآية : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } " . وقيل : إنها نزلت في أمر النجاشي ؛ قال قتادة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " إنَّ أَخَاكُمْ النَّجَاشِي قَدْ مَاتَ ، فَصَلُّوا عَلَيْهِ . فَقَالُوا : نُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ . فَأَنْزَلَ الله عز وجل : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ } . فقالوا : وإنه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله { وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ } الآية " / . وقد أفردنا كتاباً للناسخ والمنسوخ مبسوطاً / بأشبع من هذا . ومعنى : { وَجْهُ ٱللَّهِ } . أي جهته التي أمرتم باستقبالها . وقيل : معناه فثمَّ قبلة الله . وقيل : معناه : فثمَّ الله جلَّ ذكره . وقوله : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ } . أي : تستقبلوا بوجوهكم . وقيل : معناه : تستدبروا من " وَلَّيْتُ عَنْهُ " . وهو قول غريب . وقوله : { وَاسِعٌ } أي واسع الرحمة ، { عَلِيمٌ } بكم / وبما في قلب النجاشي من الإيمان .