Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 124-124)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } . قيل : فاعل " أتمهن " : الله عز وجل ، أي أكملهن الله له . وقيل : الفاعل إبراهيم صلى الله عليه وسلم أخبره الله عز وجل بما سبق في علمه فيه ليكون الامتحان موجوداً معقولاً فتقع عليه المجازاة والثواب ، إذ لا يقع جزاء على ما في علم الله تعالى دون ظهوره من العبد . أخبر الله عز وجل أنه أتمهن هنا ، وقال في غير هذا الموضع : { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } [ النجم : 37 ] . واختلف في الكلمات ؛ فقال ابن عباس : " هي ثلاثون سهماً ، عشر منها في براءة { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ } [ التوبة : 112 ] . وعشر في الأحزاب . { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ } [ الأحزاب : 35 ] . في ( المؤمنين ) إلى قوله : { يُحَافِظُونَ } [ المؤمنون : 9 ] وعشر في { سَأَلَ سَآئِلٌ } [ المعارج : 1 ] إلى { حَافِظُونَ } [ المعارج : 29 ] . أيضاً . وقيل : هي عشر خمس في الرأس ، وخمس في البدن ، فالتي في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الشعر . وروي في موضع الفرق : إعفاء اللحية . وفي الجسد تقليم الأظافر ، وحلق العانة ، ونتف الإبط ، وغسل المخرجين بالماء ، والختان . وعن ابن عباس أيضاً قال : " هي عشرة : ستة في الإنسان وهي : حلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر وقص الشارب ، والغسل يوم الجمعة . وأربع في المشاعر وهي : الطواف بالبيت ، والسعي ، ورمي الجمار ، والإفاضة " . وعن مجاهد قال : " هي أن الله تعالى قال لإبراهيم صلى الله عليه وسلم . إني مبتليك بأمر ، فما هو ؟ قال : / تجعلني للناس إماماً ؟ ، قال الله : نعم . قال إبراهيم : ومن ذريتي ؟ قال الله [ عز وجل ] / : لا ينال عهدي الظالمين . قال إبراهيم : تجعل البيت مثابة للناس ؟ قال الله : نعم . قال إبراهيم : وأمنا ؟ قال الله : نعم . قال إبراهيم : [ تجعلنا مسلمين لك ] ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ؟ قال الله : نعم . قال إبراهيم : وترينا مناسكنا وتتوب علينا ؟ قال الله : نعم . قال إبراهيم : وتجعل هذا البلد آمناً ؟ قال الله : نعم . قال إبراهيم : وترزق أهله من الثمرات من آمن ؟ قال الله : نعم " . وقال جماعة : " تلك الكلمات مناسك الحج خاصة " . وقال الحسن : " الكلمات هي الخلال الست التي ابتلي بها ، وهي : الكوكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان ، ابتلي بهن فصبر عليهن ولم يزغ " . وقيل : من ذلك الذبح . وقال السدي : " الكلمات : { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } { رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } ، { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً } . وروي عن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أنه قال : " { وَإِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰ } " عَمَلُ يَوْمِهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي النَّهَارِ " . ورُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أَلاَ أُخْبِرُكُم لِمَ سَمَّى اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ { ٱلَّذِي وَفَّىٰ } الآية . قال : كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ ، وَكُلَّمَا أَمْسَى : { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } " . وروي أن الله جلَّ ذكره أوحى إليه أن تطهر فتمضمض ، ثم أوحى الله / إليه أن تطهر فاستنشق . ثم أوحى الله إليه أن تطهر فاستاك . ثم أوحى الله إليه أن تطهر فأخذ شاربه . ثم أوحى الله إليه أن تطهر ففرق شعره ، ثم أوحى الله إليه أن تطهر فاستنجى . ثم أوحى الله إليه أن تطهر فحلق عانته ، ثم أوحى الله إليه أن تطهر فنتف إبطه ، ثم أوحى الله إليه أن تطهر فقلم أظفاره ، ثم أوحى الله إليه أن تطهر فأقبل بوجهه على جسده ينظر ما يصنع ، فردد البصر ، فاختتن بعد عشرين ومائة سنة ، فأوحى الله إليه : إني جاعلك للناس إماماً ؛ أي : يقتدي بك الصالحون من بعدك . فأعجب ذلك إبراهيم صلى الله عليه سلم فقال : ومن ذريتي ، أي : اجعل يا رب منهم أئمة ، فقال له الله : لا ينال عهدي الظالمين ، أي : من كان من ولدك ظالماً فلا يكون إماماً . / قوله : { لِلنَّاسِ إِمَاماً } . أي يقتدي بك من في عصرك ومن يأتي بعدك . قوله : { لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } . قال ابن عباس : " عهدي . نبوتي " . وقال مجاهد : " العهد هنا : الإمامة ، / لا يستحق الظالم الإمامة " . وقيل : " معناه . لا عهد لظالم عليك أن تطيعه في ظلم ، وإن عاهدته فانقضه " . وقيل : " العهد الأمان . أي : لا أُؤَمِّنُ الظالم من الانتقام منه " ، قاله قتادة . / قال : " ذلك يوم القيامة ، فأما في الدنيا فقد ناله الظالم " . وقيل : عهد الله هنا دينه . أي : لا ينال ديني الظالمين . وقيل : العهد هنا الطاعة . أي : لا ينال طاعتي ظالم . والظالم هنا المشرك عن مجاهد . وقد أخبر الله عز وجل بذلك فقال : { وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } [ الصافات : 113 ] يريد إبراهيم وإسحاق . وقال الضحاك : " معناه : طاعتي لا ينالها [ عدو لي ] ولا أَنْحَلُهَا إلا وَلِيّاً لي يطيعني " .