Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 125-125)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ } . " إذ " في موضع نصب عطف على " إذ " في قوله : { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } . و " إذ " في : { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ } معطوفة على النعمة في قوله { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ } أي واذكروا إذ ابتلى ، واذكروا إذ جعلنا . والهاء في " مثابة " دخلت للمبالغة عند الأخفش مثل نسَّابة وعلاَّمة . وقال الكوفيون : " أُنِّثَ " لأنه أريد به البقعة التي يثاب إليها ، أي : يرجع إليها ، كما قالوا : المقامة على تأنيث البقعة ، والمقام على تذكير المكان . ومعنى : { مَثَابَةً } : " لا يقضون منه وطراً " . قاله مجاهد : وقال السدي : " إذا أتاه مرة لا يدعه حتى يعود إليه " . وقيل : معناه : لا ينصرف عنه منصرف إلا وهو يرى أنه لم يقض منه وطراً . قوله : { وَأَمْناً } . هذا كان في الجاهلية لأنهم كانوا إذا لقي أحدهم قاتل أبيه وأخيه في الحرم لم يؤذه حتى يخرج منه ، قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } [ العنكبوت : 67 ] . ويروىَ أن عمر قال : " قلت يا رسول الله ، لو اتّخذت المقام مصلى ، فأنزل الله عز وجل : { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } . فهذا على قراءة من كَسَر الخاء ، كأنه أمر من الله عز وجل بذلك . فأما مَن فتح فهو خبر معطوف على النعمة عند الأخفش كأنه قال : اُذكروا نعمتي ، واذكروا إذ اتخذوا " . وقال غيره : " هو معطوف على { جَعَلْنَا } " . والمقام هو الذي يصلى إليه اليوم . وهو الحجر الذي قام عليه إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ارتفع بناؤه / وضعف عن حمل الحجارة ، فكان إسماعيل صلى الله عليه وسلم يُناوِله الحجارة ويقولان : { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } . قاله ابن / عباس . وروي عن ابن عباس أيضاً أن المقام هو الحج كله . وكذلك قال مجاهد وعلماء . وقيل : هو عرفة والمزدلفة ، والجمار . روي ذلك عن عطاء . وقيل : مقامه عرفة . وعن مجاهد أنّ " مقامه الحرمُ كله " . وقال الربيع بن أنس : " المقام هو الحجر الذي وضعت زوجة إسماعيل تحت قدم إبراهيم حين غسلت رأسه ، فوضع رجله عليه وهو راكب ، فغسلت شقه ثم رفعته من تحته وقد غابت رجله في الحَجَر ، فوضعته تحت الشق الآخر / فغابت رجله أيضاً فيه " . وقال عمر بن الخطاب : " وافقني ربي في ثلاثة ، قلت يا رسول الله ، لو اُتخذت [ مقام ] إبراهيم مصلى . فأنزل الله تعالى : { وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ } وأشرت على النبي صلى الله عليه وسلم بالحجاب ، فأنزل الله سبحانه آية الحجاب ، ووعظت نساء النبي فقلت لهن : لئن لم تنتهين ليبدلنه الله خيراً منكن ، فأنزل الله عز وجل : { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ } [ التحريم : 5 ] . ومعنى { مُصَلًّى } : " مدعى يدعون عنده " . قاله مجاهد . وقال قتادة : " مصلى يصلون إليه " . قوله : { أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ } . أي : من الشرك والأوثان . وقيل له بيت ولم يكن ثَمَّ بيت ، لأنه كان بيتاً في عهد نوح صلى الله عليه وسلم فأمره أن يطهره قبل بنيانه من الأوساخ ؛ من الأصنام وغيرها . وقيل : معناه أنهما أمرا ببنيانه مطهراً من الشرك . و { لِلطَّائِفِينَ } هم الغرباء . وقيل : هم كل من يطوف حوله ، وهو أبين . و { وَٱلْعَاكِفِينَ } ؛ قال عطاء : " هم الجالسون من غير طواف " . وقال مجاهد : " العاكفون المقيمون به ، المجاورون له من الغرباء " . وقال سعيد بن جبير : " العاكفون هم أهل البلد " . وقال ابن عباس : " العاكفون المصلون " . وقوله : { وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } يمنع من هذا القول . والاختيار عند جماعة أن يكون العاكف المجاور للبيت بغير / صلاة ولا طواف . وهو قول عطاء وغيره .