Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 17-17)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } الآية . معناه مثل هؤلاء المنافقين في حقنهم دماءهم بما أظهروا من الإيمان وَسِتْرِهم على غير ذلك ، كمثل الذي استوقد ناراً ، فلما أضاءت ما حوله ، ذهب الله بنورهم . فضياء ما حولهم هو ما حقن إقرارهم من دمائهم ومنع من أموالهم في الدنيا . وقوله : { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } . هو ما يجدون يوم القيامة من عدم نورهم لأنهم لا ينتفعون بما أظهروا من الإيمان إذ كان باطنهم خلاف [ ما أظهروا ] . وقوله : { ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } . أي استوقدها من غيره . وقيل : معناه : أوقد ، أي أوقدها هو . واستفعل في كلام العرب يأتي على وجهين : - يكون بمعنى استدعى الفعل من غيره نحو قوله : { وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } [ البقرة : 60 ] . أي استدعى أن يسقوا . - ويكون بمعنى فعل ، نحو قوله : { وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } [ التغابن : 6 ] فلم يستدع غني من واحد ، وبعده : { وَٱللَّهُ غَنِيٌّ } [ التغابن : 6 ] يدل على ذلك . و " ما " في قوله : { أَضَآءَتْ مَا حَوْلَهُ } في موضع نصب بِـ " أَضَاءَتْ " . وقيل : هي زائدة / لا موضع لها من الإعراب . والمعنى : " فلما أضاءت النار ، الموضع الذي بحوله . " فما " غير زائدة . قال قتادة : " هي لا إله إلا الله ، قالوها بأفواههم فَسَلِمُوا بها من القتل حتى إذا ماتوا ذهب الله بنورهم " . قال مجاهد : " هو إقبالهم على المؤمنين والهدى . وذهاب النور ، هو إقبالهم على الكفار . وقيل : ذهب الله بنورهم ، أي أظهر المؤمنين على ما أبطنوا من الكفر والنفاق . فبعد أن كان لهم عند المؤمنين نور بما أظهروا من الإيمان صاروا لا نور لهم عندهم ، لما أعلمهم به من سوء / ما أبطنوا . والقول الأول عليه أكثر المفسرين ؛ أن ذهاب نورهم إنما يكون يوم القيامة وهو الذي ذكره الله في قوله : { يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } [ الحديد : 13 ] . والهاء والميم تعود على " الذي " لأنه بمعنى " الذين كما قال : { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } [ الزمر : 33 ] . وفي هذا اختلاف ستراه في موضعه إن شاء الله . ومنه قول الشاعر : @ إنَّ الَّذي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ هُمُ الْقَوْمُ كُلَّ الْقَوْمِ يَا وأُمَّ خَالِدِ @@ وقيل : تعود على المنافقين المتقدمي الذكر . وجواب " لما " محذوف تقديره : فلما أضاءت ما حوله طفئت ، ذهب الله بنورهم . قوله : { وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَٰتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ } . هذا تمثيل للكفر الذي هم فيه يسيرون . وقيل : هو شيء يكون في الآخرة ، وهو قوله : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } [ الحديد : 13 ] . فظلمات جمع ظلمة ، ويجوز إسكان اللام من " ظلمات " استخفافاً ، ومن العرب من يبدل من الضمة فتحة ، فيقول ظُلَمَات . وقال الكسائي : " من قال : ظُلَمَات بفتح اللام فهو جمع " ظُلَم " ، و " ظُلَم " جمع " ظُلْمَة " . ولا يجوز الفتح في مثل هذا في الحرف الثاني مما لامه واو ونحو خطوات . إنما / يجوز الإسكان لا غير . فإن كان اللام ياء لم يجز فيه إلا الإسكان نحو [ كُلْيَةٍ وَكُلْيَاتٍ ] .