Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 214-214)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } الآية . " أم " للخروج من حديث إلى حديث . وقال الطبري : " أم " للاستفهام ، ومعنى اللام " أحسبتم " . قال : وإنما تكون " أم " للاستفهام إذا تقدمها كلام ، فإن لم يتقدمها كلام لم تقع كذلك " . قوله : { حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ } . النصب فيه على الغاية كأنك قلت : " وزلزلوا إلى أن يقول الرسول " . فيكون الفعلان قد مضيا . ويجوز النصب في غير القرآن على أن تجعل الثاني من أجله وقع الأول ، كأنك قلت : " كي يقول " ، فالأول حدث كي يكون الثاني ، ولا يحسن هذا في الآية . والرفع في الآية على أن يكون ما بعدها جملة لا تعمل " حتى " فيه ، أي " وزلزلوا ، فقال الرسول " ، ويكون الفعلان أيضاً مضيا أي حتى هذه حال الرسول ، ويجوز الرفع في الكلام على أن يكون الأول قد مضى ، والثاني في الحال ؛ تقول : " سرت حتى أدخلها " أي حتى أنا الآن أدخلها ، فالسير مضى ، والدخول الآن ، ولا يجوز هذا في الآية . وقال أبو عمرو : " لما اختلف الفعلان في الآية ، كان الوجه في الثاني النصب " . قوله : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } . يجوز في " قريب " النصب على أنه نعت لظرف محذوف . ولا يثنى قريب ولا يجمع ولا يؤنث إلا أن يكون للنسب والقرابة ، فيجوز ذلك فيه . ومعنى الآية : أحسبتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة ولم يصبكم مثل ما أصاب من كان قبلكم من اتباع الأنبياء من الشدائد والخوف حتى قال الرسول والذين معه : { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } ، كأنهم استبطأوا النصر فأخبرهم الله تعالى أن / نصر الله قريب . وقيل : إن في الآية تقديماً وتأخيراً وحذفاً للاختصار والتقدير : وزلزلوا حتى يقولوا ؟ { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } ، ويقول لهم / الرسول : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } استبطأوا النصر وزاد عليهم الخوف ، فقالوا : متى نصر الله ؟ فقال لهم الرسول : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } . فقوله : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } من قول الرسول ، وقوله : { مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } من قول المؤمنين من أمة الرسول . وهذه الآية في قول السدي وقتادة نزلت يوم الخندق حين اشتد على المؤمنين أمر الأحزاب وآذاهم البرد وضيق العيش ، وفيه نزل : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ } [ الأحزاب : 9 ] إلى { قَدِيراً } [ الأحزاب : 27 ] . قال السدي : [ اشتد على / المؤمنين الأمر ] حتى قال قائلهم : { مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } [ الأحزاب : 12 ] . يريد قاله بعض المنافقين . { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } [ الأنفال : 49 ] . أي شك . قالوا ذلك أيضاً / كذلك حكى الله عنهم في سورة الأحزاب . وقيل : " إنها نزلت في المهاجرين إذ تركوا أموالهم ودورهم بمكة ، فحكم فيها المشركون ، فضاقت بهم الحال في المدينة فَآخَى النبي [ عليه السلام ] بينهم وبين الأنصار فَوَاسَوْهُمْ فنزلت الآية تعزية لهم وتصبيراً . وذكر وهب بن منبه : " أن سبعين نبياً دفنوا في مسجد الخيف ، كلهم ماتوا من الجوع والقمل " . وقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : " سأل نبي من الأنبياء سعة الرزق فأوحى الله إليه : ( أَمَا يَكْفِيكَ أَنِّي عَصَمْتُكَ مِنَ الْكُفْرِ ) " . فلو رضيَ اللهُ الدنيا لأحد من أوليائه ما نال منها الكافر جرعة ماء ، ولكن الله لم يجعلها ثواباً لمؤمن ولا عقاباً لكافر . قوله : { ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ } الفقر والمرض . وقيل : القتل والفقر . وقال القتبي : " البأساء : الشدة ، والضراء : البلاء " . ومعنى { وَزُلْزِلُواْ } خوفوا وحركوا . وأصله من " زال الشيء من مكانه " . ومعنى " زلزلته " كررت زلزلته .