Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 221-223)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ } . قال ابن عباس : " عَمَّ تحريمُ كل مشركة ثم استثنى منهن أهل الكتاب بقوله : { وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } [ المائدة : 5 ] . وقال عكرمة والحسن : " نسخ من ذلك نساء أهل الكتاب " . وكذلك قال مالك : " هي منسوخة " ، وهو قول سفيان . وقال ابن جبير : " الآية عامة محكمة مخصومة في مشركات العرب ، لم يعن بها / غيرهن " . وقد قيل : هي ناسخة للتي في النساء والمائدة روي ذلك عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعن عمر رضي الله عنه . والإجماع على خلاف ذلك ، وطرق الأسانيد عنهم فيها ضعف . وروي أن عمر فرق بين طلحة بن عبيد الله ويهودية ، وبين حذيفة بن اليمان ونصرانية ، وأراد أن يبطش بهما على نكاحهما . وقال / ابن عمر : " حرم الله المشركات في كتابه على المؤمنين ، ولا أعرف شيئاً من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة : ربها عيسى " . وقد سمى الله اليهود والنصارى مشركين في كتابه في " براءة " وغيرها ؛ قال : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ التوبة : 31 ] . فهذا هو الشرك بعينه . وأكثر الصحابة والفقهاء على جواز نكاح الكتابيات وهو نص القرآن ، ولم يختلف الفقهاء في منع نكاح المسلم إماء أهل الكتاب إلا أبا حنيفة فإنه أجازه . وأصل النكاح في اللغة الوطء . تقول العرب : " أَنْكَحْتُ الأَرْضَ الْبُرَّ " إذا بذرته فيها ، ومن هاهنا ثبت أن قوله : { حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } [ البقرة : 230 ] يراد به الوطء دون العقد ، وبذلك أتت السنة ، وقد كثر حتى استعمل اسماً للعقد إذ هو سبب الوطء . وجاز أن تقول : { وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ } ، والمشرك لا خير فيه ، كما تقول العرب : " الآباء أحق بالميراث من الخال " ، ولا حق للخال في الميراث . وحكى نفطويه في كتاب " التوبة " له أن العرب تأتي بأفعل على ضربين : أحدهما تفضيل أحدهما على الآخر وفي الآخر فضل . / والثاني أن يكون إيجاباً للأول ونفياً عن الثاني كقوله تعالى : { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } [ الفرقان : 24 ] فهو نفي عن أن يكون في النار خير . وقيل : / المعنى : وَلإِنْكَاحُ عبد مؤمن خير من إنكاح حر مشرك . وهذه الآية نزلت في رجل نكح أمة فعذل عن ذلك وكان الذين [ عذلوه يريدون ] تزويج نساء أهل الشرك لحسبهن ومالهن وجمالهن ، فأخبر الله تعالى أن " أمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم " ، أي ولو أعجبكم حسنها وحسبها . ثم أخبرنا بمنع نكاح المشرك المسلمة من أهل الكتاب كان أو من غيرهم ، فأعلمنا أن عبداً مؤمناً خير من مشرك . وبهذا يحتج من جعل الأول عاماً في الكتابية وغيرها . ثم قال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } . أي يعملون بأعمالهم . { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ } . أي بإعلامه الطريق [ التي بها يتوصل ] إلى الجنة والمغفرة كل من عنده . وروي أن هذه الآية نزلت في كناز بن الحصين / [ الغنوي أبي ] مرثد بعثه / رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى مكة سراً ليخرج رجلاً من أصحابه أسر ، وكان له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية ، يقال لها : عناق . فقال لها : إن الإسلام قد حرم ما كان في الجاهلية . فقالت له : تزوجني . فقال : لا ، حتى آتي رسول الله فسأله . فلما قدم بالأسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله هل يحل له تزويج تلك المرأة ، فأنزل الله تعالى : { وَلاَ تَنْكِحُواْ ٱلْمُشْرِكَاتِ } الآية ، فهي في غير أهل الكتاب مخصوصة على هذا التأويل . قوله : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ } . كان أصحاب النبي [ عليه السلام ] في بدء الإسلام لا يساكنون النساء في المحيض ولا يواكلونهن ، فسألوا النبي [ عليه السلام ] عن ذلك ، فعرفهم الله تعالى في الآية أن [ الذي يجتنب ] من الحائض هو جماعها حتى تطهر ، وأن ما سواء ذلك حلال . ثم قال : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } . أي : في الفرج خاصة . فهذا يدل على منع إتيانهن في الأدبار . وقيل : معنى { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } طهراً غير حيض . ومعنى : { قُلْ هُوَ أَذًى } . قال السدي : " قل يا محمد : قل هو قذر / " ، وكذلك قال قتادة . وقال مجاهد : " { قُلْ هُوَ أَذًى } قل هو دم " . والآية ناسخة لما كان عليه بنو إسرائيل من شريعتهم لأنهم كانوا لا يجتمعون مع الحائض في بيت ولا يواكلونها ، فنسخت الآية ذلك . فقالت اليهود عند نزولها : " ما يدع محمد شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه " . فللرجل أن يستمتع [ من الحائض ] بما دون الفرج غير الدبر . وهو قول عائشة وأم سلمة وابن عباس والحسن وعطاء والشعبي والنخعي والثوري وغيرهم . وهو قول الشافعي الصحيح . ويروى عن ميمونة وسعيد بن المسيب أنها تعتزل فيما بين السرة والركبة ، ويستمتع بها فيما دون ذلك ، وهو قول مالك وأبي حنيفة . وقال عكرمة والشعبي : " لا بأس بإتيانها دون الفرج " [ يريدان الفخذ ] . وقال الثوري : " لا بأس أن يباشرها إذا اتقى موضع الدم " . فإن أتاها وهي حائض ؛ فقال ابن عباس : " يتصدق بدينار أو بنصف " . وقيل : إن كان في فور الدم وقوته يتصدَّق بدينار ، وإن كان في آخره وضعفه تصدق بنصف . قاله النخعي وغيره . وقال الأوزاعي : " إن كان وطئها في الدم تصدق بدينار ، وإن وطئها بعد انقطاع الدم وقبل الطهر بالماء ، تصدق بنصف دينار " . وقال سعيد بن جبير : " عليه عتق رقبة " . وقال الحسن : " عليه مثل الذي على من وطئ في رمضان " . وجماعة / الفقهاء التابعين يقولون : لا شيء عليه ويستغفر الله من ذلك ولا يعد ، وقد أخطأ . قاله مالك والشافعي وأبو حنيفة . وهو قول الشعبي والزهري وربيعة وأبي الزناد والليث بن سعد والثوري . وقال مالك والشافعي وابن حنبل وغيرهم : " لا يطأها حتى تغتسل بالماء ، فإن فعل قبل ذلك ، وقد انقطع الدم ، لم يكن عليه شيء ، وقد أخطأ ويستغفر الله " . وهو قول سالم / بن عبد الله وسليمان بن يسار والزهري وربيعة والثوري . وقال عطاء وطاوس ومجاهد : " إذا احتاج إلى وطئها قبل أن تغتسل ، أمرها أن تتوضأ ، ثم أصاب منها ما شاء " . وهو معنى قراءة من قرأ : " حتى يَطْهُرْنَ " مخففاً ، أي ينقطع عنهن الدم . وفي مصحف أبي وابن مسعود : " حتى يتطهرن " بالتاء أي بالماء { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } أي اغتسلن . هذا قول الجماعة . وقال مجاهد وطاوس : " إذا تطهرن للصلاة " . فليس يجب للقارئ أن يقف على " يطهرن " في قراءة من خففه لئلا يبيح وطء الحائض إذا انقطع عنها الدم ولم تتطهر بالماء . فأما من قرأه بالتشديد ، فالوقف عليه حسن لأن معناه : " يتطهرن بالماء " وقربها بعد التطهر بالماء إجماع . قوله : { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } . أي : من الوجه الذي نهيتهم عنه وهو الفرج . وقال مجاهد : " { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } أمروا أن يأتوهن من حيث نهوا عنه " . يعني يأتونهن بعد التطهر في الموضع الذي أمروا أن يعتزلوه في الحيض وهو الفرج . فهذا نص من الله على إتيان النساء في طهورهن في / الفرج دون غيره . وقيل : معناه : من قبل طهرهن ، لا من قبل حيضهن . وقيل : معناه إيتوهن من قبل النكاح الذي أمرتم به ، وحل لكم لا من قبل الزنا الذي نهيتم عنه ، وحرم عليكم . قوله : { يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ } . أي الراجعين / عن الذنوب ، والمتطهرين بالماء للصلاة . وهو / ظاهر اللفظ ، وعليه أكثر أهل التأويل . وقال مجاهد : " { وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } : أي الذين لا يأتون النساء في أدبارهن " . وقيل : معناه : ويحب المتطهرين من الذنوب أن يعودوا بعد التوبة . و { ٱلْمُتَطَهِّرِينَ } يعني به النساء والرجال ، غلب المذكر على المؤنث ، ولم يقل المتطهرات ، لأنه يخص النساء خاصة إذ لا يغلب المؤنث على المذكر . وقيل : عني بالمتطهرين اللواتي يتطهرن من الحيضة بالماء ، وهذا يدل على أن الحائض لا توطأ إلا بعد التطهر بالماء / لأن من وطئها قبل التطهر بالماء ، فقد وطئ من لا يحبه الله ، وذلك ممنوع . ومن وطئ بعد التطهر بالماء ، فقد وطئ من يحب الله . وذلك حسن لأن الله إنما أحبهن على فعلهن وهو التطهر بالماء ، ولم يحبهن على غير فعلهن ، وهو انقطاع دم الحيض ، فشكر الله لهن تطهرهن بالماء . وأتى " بالمتطهرين " بلفظ التذكير لأنه يكون من الرجال والنساء ، فغلب المذكر . وقوله : { أَنَّىٰ شِئْتُمْ } . أي مقبلة ومدبرة في الفرج . ومعنى : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ } . أي هُنَّ مزدرع للولد ، بمنزلة الأرض هي مزدرع للحب فتقديره : " نساؤكم موضع حرث لكم " . وأكثر أهل التفسير على أن الآية نزلت لما كان اليهود يجتنبون ، وذلك أنهم يقولون ، من أتى امرأته في فرجها من دبرها ، خرج ولدها أحول ، فأنزل الله : { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } . أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في الفرج . ورواه مالك عن ابن المنكدر عن جابر . [ وروى ] ابن وهب عن ابن المسيب أنه قال في قوله : { أَنَّىٰ شِئْتُمْ } : هو العزل ، إن شئت عزلتم وإن شئت لم تعزل ، وإن شئت سقيته ، وإن شئت أظميته " . وروي عن ابن عباس أنه قال : " كانت قريش تتلذذ بالنساء مقبلات ومدبرات في الفرج ، فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار ، فامتنعن عليهم من ذلك ، وقلن : [ لا نعرف ] هذا ، فبلغ ذلك النبي [ عليه السلام ] . فأنزل الله الآية وأصح الوجوه في العربية أن يكون { أَنَّىٰ شِئْتُمْ } بمعنى من أي وجه شئتم . قال أبو محمد مكي : يجب لأهل المروءة والدين والفضل ألا يتعلقوا في جواز إتيان النساء في أدبارهن بشيء من الروايات ، فكلها مطعون فيه ضعيف . وإنما ذكرناها لأن غيرنا من أهل العلم ذكرها ، وواجب على أهل الدين أن ينزهوا أنفسهم عن فعل ذلك ، ويأخذوا في دينهم بالأحوط فإني أخاف من العقوبة على فعله ، ولا أخاف من العقوبة على تركه ، وقد روي في ذلك أخبار كثيرة ، وأضيف جوازه إلى مالك وروي عنه وليس ذلك بخبر صحيح ولا مختار عند أهل الدين والفضل . وقد أضر بنا عما روي فيه لئلا يتعلق به متعلق ، وأسقطنا ذكر ما روي فيه من كتابنا لئلا يستن به جاهل أو يميل إليه غافل وأسأل الله التوفيق في القول والعمل بمنه . وقد قال مسروق : " قلت لعائشة رضي الله عنها : " ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً فقالت : كل شيء إلا / الجماع " . ويدل على منعه قوله : { فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ / أَنَّىٰ شِئْتُمْ } والحرث للولد يكون لأنه كالبذر للزرع ، والولد لا يكون / إلا من جهة الفرج والإباحة إنما هي في الفرج لا غير ، لذكره الحرث الذي به يكون الولد . فهذا نص ظاهر . وقد روى يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب أنه قال : " سألت مالك بن أنس فقلت : إنهم قد ذكروا عنك أنك ترى إتيان النساء في أدبارهن . فقال : معاذ الله ، أليس أنتم [ قوماً عرباً ] . فقلت : بلى . فقال : قال الله عز وجل : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } ، وهل يكون الحرث إلا في موضع الزرع أو في موضع المنبت " . وكذلك روى الدارقطني عن رجاله عن إسرائيل بن روح أنه قال : سألت مالكاً ، فقلت : " يا أبا عبد الله ما تقول في إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقال : أما أنتم قوم عرب ؟ هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع ؟ . أتسمعون الله يقول : { نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ } قائمة فقاعدة وعلى جنبها لا تتعدى الفرج . قلت يا أبا عبد الله ، إنهم يقولون إنك تقول بذلك ، فقال : " يكذبون علي ، يكذبون علي ، يكذبون علي " . قال أبو أحمد مكي : " [ وهذا ] الأشبه بورع مالك ، وتحفظه بدينه " . وروى الدارقطني أيضاً عن رجاله عن محمد بن عثمان أنه قال : حضرت / مالكاً ، وعلي بن زياد يسأله ، فقال : عندنا يا أبا عبد الله قوم بمصر يتحدثون عنك أنك تجيز الوطء في الدبر . فقال مالك : " كذبوا علي ، عافاك الله " . وقد روى في منعه آثار كثيرة ؛ فمنه ما روي عن عكرمة أنه قال : " أنى شئتم من قبل الفرج " . وقاله ابن جبير ومجاهد . وعن / ابن عباس أن النبي عليه السلام قال في حديث له طويل : " يَأْتِي الرّجُلُ امْرَأتَهُ مُقْبلَةً وَمُدْبرَةً إذَا كَانَ ذَلكَ فِي الْفَرْجِ " . وروى عمارة بن خزامة بن ثابت عن أبيه أن النبي [ عليه السلام ] قال : " إنّ الله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ ، فَلاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ " . وقال أبي بن كعب : " من أتى امرأته في دبرها فليس من التوابين ولا من المتطهرين " . وقال ابن مسعود : " محاش النساء عليكم حرام " . وروى عبد الله بن أبي الدرداء عن أبيه أنه قال : " الذي يطأ امرأته في دبرها هو أعظم الفواحش " . قوله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } . يدل على منع الإتيان في الدبر لأن الله لا يأمر بالفحشاء وقد سمى الله الإتيان في الدبر فاحشة بقوله : { أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } [ الأعراف : 80 ] ، فكيف يبيح الفاحشة ؟ / وإنما معناه في الفرج الذي أبيح لطلب الولد . وفي قول الله تعالى لقوم لوط : { أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } [ الشعراء : 165 - 166 ] دلالة على أن المباح الإتيان في الفرج دون الدبر وفي الآية دليل على منع الإتيان في الدبر من الرجال والنساء لأن قوله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } يراد به الفرج ، لأن " ما " بمعنى " الذي " . " والذي " لا يقع إلا على معهود مشار إليه ، وهو الفرج الذي خلقه في النساء . ولو قال : " من خلق لكم " ، لكان المراد النساء لأن " من " لمن يعقل فلما جاءت " ما " وهي تقع لما لا يعقل علم أنه شيء في : النساء خاصة / خلق للأزواج وهو الفرج . وقد قال ابن عباس في قوله : { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُ } " معناه : من حيث أمركم الله أن تعتزلوهن " . وقد كثرت الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك . وقوله : { وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ } . قال ابن عباس : " اذكروا الله عند الجماع " . وقيل : معناه طلب الولد . وقيل : معناه أنهم أمروا بتقديم الأعمال الصالحة . وفعل الخير هو المفعول الثاني " لقدموا " . فهو مردود على ما قبله من قوله ، { قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ } [ البقرة : 215 ] الآية .