Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 225-225)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } . قال ابن عباس : " هو ما سبق به اللسان على عجلة كقولك : " لا والله ، بلى والله " . وكذلك قالت عائشة رضي الله عنها . وقال مجاهد : " هما الرجلان يتبايعان فيقول أحدهما : والله لا أبيعك بكذا . ويقول الآخر : والله لا أشتريه بكذا وكذا ، فهو اللغو " . وقال أبو هريرة : " لغو اليمين أن يحلف الرجل على الشيء يظن أنه هو بيقين منه ، ثم يظهر له خلاف ظنه " . وهذا القول أحسن الأقوال في لغو اليمين المعفو / عنها . وروي مثله عن ابن عباس . وروي عنه أيضاً أنه قال : " هو الرجل يحلف على الشيء فيرى الذي هو خير منه فأمره الله أن يكفر عن يمينه ويفعله / ، وأعلمه أنه لا يؤاخذه على ذلك " . فهذه ثلاثة أقوال عن ابن عباس . وقال عطاء بن يسار : " هو الخطأ في اليمين " . وقال الحسن وغيره : " هو الرجل يحلف على الشيء ، وهو يظن أنه صادق ، ثم يظهر له خلاف ذلك ، فلا كفارة عليه ولا إثم " ، وهو قول أبي هريرة المختار . وقال طاوس : " هو الرجل يحلف في الغضب ، فلا كفارة عليه ولا إثم " ، وذكر قول النبي [ عليه السلام ] : " لاَ يَمِينَ فِي غَضَبٍ " . وقال / ابن جبير : " هو الرجل يحلف أن يفعل ما نهى الله عنه أو يترك ما أمر الله به ، فيمينه لغو ، ولا كفارة عليه " . وقد قال ابن المسيب وابن الزبير : " لا كفارة في معصية " . وكذلك قال ابن عباس . وقال الشعبي : " كفارة من حلف على المعصية أن يتوب منها " . وقال : [ زيد بن ] أسلم : " هو الرجل يقول : أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا ، وأخرجني الله من مالي إن لم أصنع كذا ، وشبهه مما يدعو به على نفسه . فهو لغو ولا كفارة / فيه " . وقال ابن زيد : " هو قول الرجل : " أنا كافر إن فعلت كذا ، وجعلت مع الله إلاهاً إن صنعت كذا ، وشبهه ، فلا كفارة فيه " . وقال الضحاك : " اللغو من الأيمان ، هي اليمين المكفرة يحلف ألا يفعل فيكفر ويفعل ، ولا يؤاخذه الله بذلك ، ولكن يؤاخذه بما يحلف عليه وقلبه يتيقن أن يمينه كذبة . فتلك اليمين لا كفارة فيها ، وهي اليمين الغموس ، وهي أعظم من أن تكفر " . وقيل : لغو اليمين الحنث ، لا يؤاخذ الله من حنث في يمينه وكفر ، لأن التكفير يسقط الإثم " . وقال إبراهيم : " هو الرجل يحلف ألا يفعل الشيء ، ثم ينسى فيفعله ، فيمينه لغو " . واللغو في كلام العرب ما لا يحتاج إليه . قال نفطويه : " اللغو في نفس اللغة الشيء المطرح يقال : ألغيت هذا ، أي طرحته " . واللغة في الأيمان ما لم تكن النية معتقدة له ، إنما جرى في عرض الكلام . وهو معنى قول ابن عباس وعائشة . والسهو داخل في هذه الآية بغير نية ، ويدخل فيه أيضاً ما ليس بيمين نحو قول الرجل : " لا وحياتك " وشبهه ، وهذا يرجع إلى قول أبي هريرة وقول الحسن المتقدمي الذكر . وكان ابن عباس لا يرى الكفارة إلا في الأيمان التي تكون لغواً . فأما ما كسبت القلوب ، وعقدت اليمين فيه وهي تعلم أنها كاذبة ، فلا كفارة فيه ، والله يؤاخذ على ذلك بما شاء إن شاء . وتقدير الآية التي في المائدة على هذا القول : " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فكفارته إطعام عشرة / مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " . أي حلفتم وأنتم تعلمون أنكم كاذبون . [ كذلك التقدير ] عند ابن عباس وابن جبير والضحاك وغيرهم . وقال قتادة : " المؤاخذة هنا في الأيمان الفاجرة إنما هي إلزام الرجل الكفارة على يمينه ؛ فمن حلف وهو يعلم أنه كاذب وجبت عليه الكفارة ، وهي المؤاخذة التي ذكر الله . ومن حلف وهو يظن أنه / صادق ، فهو لغو يمين ولا كفارة فيه ، ولا إثم " . وروي عن الربيع مثله . وهو قول عطاء والحكم . وقال السدي مثل ذلك إلا أنه قال : " يؤاخذه في الدنيا بالكفارة على يمينه الفاجرة ويؤاخذه في الآخرة إن شاء الله عليها إذ حلف وهو يعلم أنه كاذب " . والأيمان / عند أكثر الفقهاء ثلاثة : - اللغو ؛ وهو قوله : " لا والله وبلى والله فلا شيء فيها " . - والثانية : العمد " ؛ وهو أن يحلف متعمداً ألا يفعل الشيء ، ثم يريد أن يفعله ويرى أن ذلك خير فيكفر ويفعل ولا شيء عليه . وهي التي في قوله : { بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } [ المائدة : 89 ] . - والثالثة : الغموس ؛ وهو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب فلا كفارة فيها لعظمها ، والله يفعل بفاعلها ما شاء . وهي التي في قوله : { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } . وقل زيد بن أسلم : { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } . قال : " هو الشرك بالله والكفر لا اليمين " . يريد قول الرجل : أنا كافر بالله إن فعلت وأنا مشرك إن فعلت ، يؤاخذ عليه إن اعتقده بقلبه . فإن لم يعتقده بقلبه ، فهو اللغو الذي قال فيه : { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } . ومن قال : " أقسمت ألا أفعل " ، فإن أراد بالله وفعل كفر ، وإن لم يرد ذلك فلا شيء عليه ، وكل / أسماء الله يجب فيها الكفارة ، وكذلك صفاته . وإذا حلف بالقرآن وحنث ، فقال ابن مسعود : " عليه لكل آية كفارة " ، وبه قال الحسن البصري . وأكثر الفقهاء على أن : فيه كفارة يمين ، ومنهم من قال : " لا كفارة فيه لعظمه ، وجلالة قدره " . والعهد والميثاق والكفالة إذا أضيف ذلك إلى الله جلّ ذكره وحلف به ، ففيه كفارة يمين عند مالك وغيره . ومن قال : " حلفت " ولم يحلف ، فإن أراد اليمين كفر . وإن أراد الكذب لم يكن عليه شيء . هذا قول مالك وغيره . ومن حلف بصدقة ماله أو بهديه أن يجعله في سبيل الله ؛ فقال عطاء والشعبي وغيرهم : " لا شيء عليه " . وروي عن عمر رضي الله عنه ، وعائشة أن عليه كفارة يمين وهو قول جماعة من التابعين . وقال مالك : " يخرج ثلث ماله " وهو قول الزهري وغيره . وروي عن ابن عمر وابن عباس أنه : يتصدق من ماله بمقدار الزكاة . وقد قيل : يعني بما جعل على نفسه . روي ذلك عن ابن عمر . وقال قتادة : " يهدي بدنة " . وقال / جابر بن زيد : " إن كان ماله كثيراً نحو ألفين فعشره ، وإن كان وسطاً نحو ألف ، فسبعه ، وإن كان قليلاً نحو خمسمائة فخمسه . ومن حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فلا شيء عليه عند ابن المسيب والقاسم بن محمد . وقال الحسن وجابر بن زيد وطاوس والنخعي وعطاء وقتادة / وغيرهم / " عليه كفارة يمين " ، وهو قول الشافعي . وقال الشعبي ومالك وأبو حنيفة : " يمشي كما حلف " . وقال ابن شبرمة : " يحرم من يومه " . وقال مالك رضي الله عنه : " إن حنث في غير البلد الذي حلف فيه فعليه أن يأتي إلى ذلك البلد ، فيمشي منه " . ومن حلف بعتق رقبة فحنث ، فأكثر الناس [ على أن عليه ] كفارة يمين ، وهو قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وأم سلمة ، وحفصة وقاله الحسن . وقال عطاء : " يتصدق بشيء من حنث في العتق " . وقال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وجماعة من الفقهاء : " يعتق من حلف به إذا حنث " . وقوله : { وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } . أي غفور لأهل اللغو في الأيمان ، حليم [ في تركه ] . العقوبة على أهل اعتقاد الأيمان / الكاذبة فلا يعاجلهم بها .