Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 233-233)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } الآية . قرأ مجاهد وحميد بن قيس ، وابن محيصن / " لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تُتِم الرضاعة " بالرفع بالتاء . وقرأ أبو رجاء / " الرِّضَاعَةَ " بكسر الراء . وقرأ : " لاَ تَكَلَّفُ " بفتح التاء أراد تَتَكَلَّفُ . قوله : { لاَ تُضَآرَّ } . من رفع فهو خبر عن الله ، معنى الأمر ، ومعناه : / لا تضار والدة في علم الله ، ولا تكلف نفس إلا وسعها . والفتح أبين على النهي . ويجوز الكسر ، لالتقاء الساكنين والفتح أخف . وروى أبان عن عاصم " لاَ تُضَاررْ " بالجزم والإظهار ، وهي لغة أهل الحجاز ، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس ، غير أن ابن مسعود يفتح الراء الأولى . وإجماع المسلمين أن تحريم المضارة للطفل من أبويه يدل على الجزم على النهي . كان اليزيدي يقول : " الرفع فيه معنى النهي " كأنه يريد أن الضمة ليست بإعراب ، إنما هي لالتقاء الساكنين . وهذا بعيد لأنه يشبه النهي بالنفي . ومعنى الآية / أن لفظها لفظ الخبر ، ومعناها الإلزام ، كما تقول : " حَسْبُكَ دِرْهَمٌ " . فلفظه لفظ خبر ، ومعناه الأمر ، فكذلك : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ } هو على الإلزام ولفظه لفظ الخبر . وقوله : { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } . أَكّدَ " بكاملين " لجواز أن يكون " حولان " معناه حولٌ وبعضُ آخر ، لأن العرب تقول : " أَقَامَ فُلاَنٌ شَهْرَيْنِ " ، وإن كان أقام شهراً أو بعض آخر . وهذا كما قال : { فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } [ البقرة : 203 ] . والمتعجل إنما يتعجل في [ يوم ونصف ] ، وكذلك اليوم الثالث . والعرب تقول : " لم أرك مذ يومان " ، تقوله في اليوم الثاني ، وهو لم يتم يومان . ومعنى ذلك : " لا ينزع الولد من أمه وهي تحب رضاعه وتأخذ كغيرها ، فيكون " تُضَارَّ " فعلاً لم يسم فاعله ، ويجوز أن يكون فعلاً سمي فاعله . ومعناه : لا تترك رضاع ولدها وأخذ الأجرة ، والصبي لا يقبل غيرها فتضارر بالأب والصبي . قوله : { وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ } . معناه : لا يضارر الوالد فيلقى إليه الطفل بعد ما عرف أمه وَأَلِفَها ؛ تفعل ذلك لتقرب عدتها فتتزوج ، لأنها إذا كانت ترضع ، أبطأ عندها المحيض فتلقي الصبي ، وهو لا يقبل غيرها فتضارر بالوالد والولد في ذلك . فنهى الله النساء عن ذلك . فيجوز أن يكون أيضاً " مَوْلُودٌ " رفع على ما لم يسم فاعله على هذا التفسير . ويجوز أن يكون فاعلاً ، ويكون المعنى : ولا يضارر الوالد بولده فيمنعه من أن يرضع أمه ، وقد ألفها ولا يقبل غيرها ، وهي تأخذ كما يأخذ غيرها فنهى الأب عن ذلك . قوله : { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا } . أي إن أرادا أن يفطما قبل الحولين عن تراض من الأبوين فلا جناح عليهما في ذلك ، وليس لأحدهما فعل ذلك حتى يرد الآخر عند الثوري . قوله : { وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ } . أي على الأب رزق المرضعة وكسوتها بالمعروف ، ورزق الولد على قدر الجدة ، لا يكلف فوق ما يطيق . { لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا } . أي لا [ تمتنع من رضاعه ] ، وتقذفه [ إلى أبيه ] لتنكي به الأب . { وَلاَ مَوْلُودٌ / لَّهُ بِوَلَدِهِ } لا يمنع أمه من أن ترضعه ليحزنها . قوله : { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ } . أي على وارث الصبي مثل الذي على الأب لو كان حياً ، أي عليه ألا يضارر بها كما كان على الأب . قال السدي وقتادة . قال الحسن : " على عصبته نفقته إن لم يكن له أب ولا مال " . وقال الضحاك : { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ } " هو الصبي المرضع ، عليه نفقة أمه من ماله إن لم يكن له أب " . وهو اختيار الطبري وغيره . وقال ابن عباس : " على وارث / الصبي من أجر الرضاع مثل ما كان على الأب إذا لم يكن له مال " . وقال الشعبي ومجاهد وسفيان : { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ } : أي : وعلى وارث الصبي ألا يضار بالأم . وهو مروي عن ابن عباس . فلا يكون { لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ } على هذا القول إلا " تُفَاعِلَ " بكسر / العين لأن : { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ } معطوف عليه ، وهو فاعل ، ولا تكون { وَالِدَةٌ } إلا فاعلة . فأما على القول الآخر ، فيحتمل { تُضَآرَّ وَالِدَةٌ } أن يكون : " تُفَاعَلْ " ، و " تَفَاعَلَ " ، لأن ، { وَعَلَى ٱلْوَارِثِ } ليس بمعطوف عليها إنما هو معطوف على قوله : { وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف وعلى الوارث مثل ذلك " ، فهو عطف جملة على جملة كلاهما من ابتداء وخبر ، فيحسن على هذا في { تُضَآرَّ وَالِدَةٌ } الوجهان جميعاً . ولا يحسن في الآخر إلا أن تكون فاعلة . وقال مالك : " هو منسوخ لا يلزم عصبة نفقة صبي / ولم يبين الناسخ لها . حكاه ابن القاسم في " الأَسَدِيّةِ " عن مالك . وعن مالك أيضاً أن المعنى : " وعلى الوارث ألا يضار " فهو محكم ، وهي رواية ابن وهب وأشهب عن مالك . وقيل : إن ورثة الصبي ينفقون عليه على قدر / ميراثهم منه لو مات . قاله قتادة ، وهو قول أبي حنيفة . قوله : { وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ } . أي إن أبت أمه أن ترضعه أو انقطع لبنها ، فأردتم أن ترضعه أجنبية فلا حرج . قوله : { إِذَا سَلَّمْتُم } أي إذا سلمتم للأم ما [ فرضتموه ] عليه من الأجرة بالحساب . وقيل : معناه : إذا سلمتم للاسترضاع ، عن مشورة من الأب والأم ، قاله قتادة . وقيل : معناه : وإذا سلمتم إلى الأم الذي أعطيتموها على الأجرة بالمعروف . وقال سفيان : " إذا سلمتم إلى هذه التي تستأجرونها حقها بالمعروف ، فليس عليكم جناح فيما صنعتم من الاسترضاع إذا أبت الأم رضاعه أو انقطع لبنها " . وقيل : معناه : إذا سلمت أم الولد ، فرضيت برضاعه من غيرها ، لتعتد هي وتتزوج ورضي الأب بذلك .