Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 56-56)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم } . أي : أحييناكم . وأصل البعث إثارة الشيء من محله ؛ تقول العرب : " بَعَثْتُ ناقتي " أثرتها . " وبَعَثْتُ فلانا في كذا " ، أي : أثرتُه للتوجه فيه . ويوم القيامة يوم البعث لأنه [ يثار فيه الناس ] للحساب . ومعنى ذلك أن موسى صلى الله عليه وسلم لما أحرق العجل وذراه في اليم اختار من قومه سبعين / رجلاً وقال : انطلقوا إلى الله عز وجل ، وتوبوا إليه مما صنعتم وتطهروا وطهروا ثيابكم ، وكان ذلك عن أمر الله له ، فخرجوا معه فقالوا لموسى : اطلب لنا إلى ربك أن نسمع كلامه فقال : أفعل . فلما دنا موسى صلى الله عليه وسلم من الجبل وقع عليه عمود من نور حتى تغشى الجبل كله فدخل فيه . وقال للقوم : ادنوا وكان موسى صلى الله عليه وسلم إذا كلمه ربه عز وجل وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه ، فضرب دونه الحجاب . ودنا القوم حتى إذا دخلوا / في الغمام ، وقعوا سجودا ، فسمعوه وهو يكلم موسى / صلى الله عليه وسلم يأمره وينهاه : افعل ولا تفعل ، فلما فرغ انكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا : يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة عند ذلك فماتوا أجمعون . فقال موسى : رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي ، قد سفهوا ، أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما فعل السفهاء منا ؟ يريد موسى صلى الله عليه وسلم أن مُضِيِي إلى بني إسرائيل بغير من اخترت منهم [ هلاك لهم ] لأنهم بعد ذلك لا يأمنوني على أمر ولا يصدقوني . فلم يزل موسى - يطلب إلى ربه - صلى الله عليه وسلم حتى رد عليهم أرواحهم ، وطلب إليه التوبة لهم من عبادتهم العجل ، فقال الله تعالى : لا . إلا أن يقتلوا أنفسهم . ذكر جميع ذلك عن السدي ، قال : " فالذين أخذتهم الصاعقة هم السبعون الذين اختارهم موسى صلى الله عليه وسلم للميقات " . قال قتادة : " بعثهم الله عز وجل إلى بقية آجالهم ليستوفوها ، ولو تمت آجال القوم ما بعثوا " . وقال ابن زيد : " لما أتاهم موسى صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل ، وقال لهم : خذوه ، قالوا : لا نأخذه حتى نرى الله جهرة ، فيقول : خذوه . فجاءتهم صاعقة بعد التوبة فصعقوا أجمعين ، ثم أحياهم الله بعد موتهم . فقال لهم موسى : خذوا كتاب الله عز وجل فأبوا أن يأخذوه . فرفع فوقهم الجبل فأخذوا الكتاب ، وأخذ موسى عليهم الميثاق ، وهو قوله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ البقرة : 83 ] الآية .