Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 65-65)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي ٱلسَّبْتِ } . قال ابن عباس : " لم يبعث الله قط نبياً إلا عرفه فضل الجمعة وعظمها في السماوات وأن الساعة / تقوم فيها ، وتشريف الملائكة لها . وبلغت الرسل أممها ذلك ، فسمع أكثرهم وأطاع وعرف فضلها . فلما كان موسى أخبر بني إسرائيل بفضلها على الأيام فقالوا : يا موسى ، كيف تأمرنا بالجمعة وتفضلها على الأيام ، والسبت أفضل لأن كل شيء سبت لله مطيعاً يوم السبت ، وخلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة . ويوم السبت كمل الأمر ؟ وقالت النصارى لعيسى صلى الله عليه وسلم إذ أمرهم بالجمعة وأخبرهم بفضلها : كيف تأمرنا بالجمعة وأول الأيام أفضلها وسيدها ، والله واحد ، والواحد الأول ، والأحد أول ؟ فأوحى الله عز وجل إلى عيسى صلى الله عليه وسلم أن دَعْهُم والأحد ، ولكن ليفعلوا فيه كذا وكذا فلم يفعلوا . وقال لموسى صلى الله عليه وسلم كذلك في السبت . وأمرهم أن لا يصيدوا فيه سمكاً ولا غيره ، ولا يعملوا فيه عملاً . فكان يوم السبت تظهر فيه الحيتان على وجه الماء فهو قوله : { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } [ الأعراف : 163 ] ثم إنهم تناولوها في السبت فلم ينكر بعضهم على بعض ، ثم كفوا فلما رأوا العقوبة لا تنزل بهم عادوا وأخذوا . وكان موسى قد حذرهم العقوبة إن تعدوا في السبت ، فلما رأوا لا تنزل عليهم عقوبة ظنوا ما قال لهم موسى صلى الله عليه وسلم باطلاً ، فمسخوا قردة وحيوا ثلاثة أيام وماتوا " . قال ابن عباس : " لم يعش مسخ قط أكثر من ثلاثة أيام ولا يأكل ولا يشرب ولا ينسل . وكان الله تعالى قد خلق القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة [ الأيام التي ذكر ، فمسخ أولئك في صور ] القردة " . قال الحسن : " كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت / فتبطح بأفنيتهم كأنها المخاض ثم تذهب فلا ترى " . قال ابن عباس : " لما طال عليهم أمر الحيتان وإتيانها يوم السبت ولا تأتي في غيره ، عمد رجل منهم فأخذ حوتاً يوم السبت فحزمه بخيط وأرسله في الماء وتّدَ له وتداً في الساحل فأوثقه ، حتى إذا كان الغد أخذه فأكله ، فلما كان السبت الآخر فعل مثل ذلك ، فوجد الناس ريح الحيتان ، ثم علموا بما فعل ذلك الرجل ففعلوا مثل ما [ فعل وأكلوا زمناً طويلاً ، ولم ] يعجل الله عليهم بالعقوبة حتى صادوا علانية وباعوها في الأسواق . فقالت طائفة من أهل التقوى : " ويحكم اتقوا الله " ونهوهم عما يصنعون . وقالت طائفة أخرى لم يصنعوا مثل ما صنع أولئك : / { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } [ الأعراف : 164 ] ، فنجى الله الذين ينهون عن السوء ومسخ الفاعلين " . واختلف في الذين / لم يعملوا ولم ينهوا وقالوا : { لِمَ تَعِظُونَ } الآية . قيل : إنهم نجوا مع الناجين . وقيل : مُسِخُوا مع مَن مسخ . [ والسبت أصله ] الراحة والهدوء . والسبت ضرب من السير . والسبت [ الحلق ؛ / يقال سَبَتَ رَأسَهُ ] حَلَقَهُ . والسبت القطع . وجمعه : " أَسْبُتٌ " و " سَبَتَاتٌ " بالتحريك لأنه اسم . وفي الكثير السبوت والسبات . وقال السدي : / " كان الرجل منهم من شهوة الحوت يحفر الحفرة ويجعل نهراً إلى البحر ، فيدخله الماء يوم السبت بالحوت ، ثم لا يقدر الحوت أن يرجع إلى البحر لقلة الماء ، فيصبح يوم [ الأحد ويأخذه ] . فنهوهم علماؤهم عن ذلك فلم ينتهوا " . وروي عن مجاهد أنه قال : " مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة ، وإنما هو مثل ضربه الله كمثل الحمار يحمل أسفاراً " . وجميع أهل التفسير على خلاف ذلك لأنهم مسخوا قردة حقيقة . وقوله : { فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً } . هو أمر ، وتأويله الخبر . أي : فكوناهم قردة ، وهذا هو الأمر الذي يكون به الخلق ، فحولهم من خلقة إلى خلقة أخرى ، فهو مثل قوله : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] . { خَاسِئِينَ } . أي : مبعدين ، أي مطرودين . هذا قول أهل اللغة . وقال مجاهد وقتادة : " خاسئين : صاغرين " . وقال الربيع : " أذلة صاغرين " . وروي عن ابن عباس : " خاسئاً ذليلاً " .