Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 83-83)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } . مَن قرأه بالضم ، فمعناه عند الزجاج قولاً ذا حسن . وقال الأخفش : " الضم والفتح بمعنى واحد بمنزلة البُخْلُ والبَخَلُ والسُّقْمُ والسَّقَمُ " . وقيل : إن مَن قرأ بالفتح فهو نعت لمصدر محذوف . واستقبح المبرد : " مَرَرْتُ بِحَسَنٍ " على إقامة الصفة مقام الموصوف . وقد جاء هذا في القرآن بإجماع ، قال الله تعالى : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ } [ فصلت : 10 ] ، ولم يقل : جِبَالاً رَوَاسِيَ . وقال : { أَنِ ٱعْمَلْ سَابِغَاتٍ } [ سبأ : 11 ] ، ولم يقل : " دُرُوعاً سَابِغاتٍ " . واختار بعض المتعقبين الضم لأن " الحُسْنَ " الاسم الذي يحوي ما تحته ويعمه ، و " الحَسَنُ " إنما هو الشيء الحَسَنُ لا يعم غير ما هو نعت له ، والعموم أكمل في المعنى هنا ، لأنها وصية بالخير . فَفِعلُه كله ، والأمر به أولى مِن فِعل بعضه ، والأمر ببعضه دون بعض . وحكى / الأخفش : " حُسْنَى " ، بغير تنوين . وهو لحن لا يجوز لأنه لا يقال إلا بالألف واللام . وقوله : { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ } . معطوف على المعنى لأن المعنى : " بأن لا تعبدون " ثم حذفت " أن " مع الحرف ، ودل على ذلك إعادة الباء فيما بعده . وهذا الميثاق هو الذي أخذ عليهم إذ أخرجهم كالذر . واليُتْم في الناس من قبل الأب ، وفي البهائم من قبل الأم ، قاله الأصمعي . { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ } : معطوف على المعنى في { لاَ تَعْبُدُونَ } ، فلذلك أتى بلفظ الأمر لأن صدر الكلام مبني على النهي . ومعنى : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } : " مروهم بقول لا إله إلا الله " . رواه الضحاك عن ابن عباس . وقال ابن جريج : " معناه : قولوا صدقاً في أمر محمد صلى الله عليه وسلم . وقال سفيان الثوري : " مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر " . وقال قتادة وغيره : " قولوا لهم حسناً من القول " . وقال أبو عبيدة : " قولوا حسناً من القول للمسلم والكافر " . وقال قتادة : " هي منسوخة بآية السيف " . ولا يجوز أن تكون منسوخة إلا على قول مَن قال : إن المعنى : قولوا للجميع حُسْناً من القول . وباقي الأقوال لا يمكن أن تكون فيه منسوخة لأن الأمر بالمعروف لا ينسخ / ، والأمر بإظهار / الصدق في النبي عليه السلام لا ينسخ . قوله : { آتُواْ ٱلزَّكَاةَ } . هي زكاة كانت عليهم تأكلها نار من السماءِ ومن لم تأكل النار زكاته فهو غير مقبول . قوله : { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ } . قال ابن عباس : " أعرضوا عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الفروض إلا قليلاً منهم " . وهو خطاب لمن بحضرة رسول الله [ عليه السلام ] . وقيل : هو إخبار عن أسلافهم ، فمعناه : ثم تولى أسلافكم إلا قليلاً منهم ، وأنتم الآن معرضون خطاب لمن بالحضرة أي : وأنتم مثل أولئك الذين تولوا من أسلافكم . ودل على هذا التاويل ما بعده من ذكر سفك الدماء أنه إخبار عن أسلافهم ومخاطبة لمن بالحضرة ، ولم يسفك من بالحضرة الدماء ، ولا أخرج بعضهم بعضاً من ديارهم ، إنما ذلك فعل أسلافهم ، فكون الكلام كله على سياق واحد أولى وأحسن .