Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 84-85)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ومعنى : { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } / الآية أي يقتل بعضكم بعضاً ، ويخرج بعضكم بعضاً . { مِّن دِيَارِهِمْ } يريد به أسلافهم . وقيل : المعنى : لا تقتلوا فيجب عليكم القصاص فتُقتلوا فتكونوا سبباً لقتل أنفسكم . ولا تفسدوا فيجب عليكم النفي فتكونوا سبباً لإخراجكم من دياركم . قوله : { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } . أي : اعترفتم أن هذا قد أخذ عليكم . ومعناه : أقَرَّ أوائلُكم بذلك . وأنتم يا هؤلاء تشهدون على إقرارهم لأن في [ كتابكم أخذي للميثاق ] عليهم فأنتم شهود . وقيل : الخطاب من أوله لهم وهم المقرون ، وذلك من بالحضرة من اليهود . وقوله : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } . لأوائلهم ، وأوائلكم يشهدون بأخذي للميثاق عليهم ودل على ذلك قوله { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ } ، فَوَبَّخَ من بالحضرة ، وأشار إليهم بهاء التشبيه بعد أن مضى ذكر أسلافهم ، ورجع إلى ذكرهم . ومخاطبتهم بقوله لهم : { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } هو أنهم كانوا قد افترقوا فرقتين : فرقة مع الأوس وفرقة مع الخَزْرَجِ . فإذا جرى بين الأوس والخزرج قِتَال أعانت كل فرقة منهم أصحابهم ، فيقتل بعضهم بعضاً ، ويجلي بعضهم بعضاً في الحمية وهم في أيديهم التوراة يعرفون ما عليهم ، وكانت الأوس والخزرج أهل شرك لا كتاب لهم يعبدون الأوثان ، فإذا وضعت الحرب فَدَوْا أسراهم تصديقاً لما في التوراة ، كل ذلك مظاهرة لأهل الشرك ، فذلك قوله : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } ، يستحلون دماء بعضهم بعضاً ، فذلك كفرهم . ويتحَرجون أن يبقى الأسرى في أيديهم فيتفادوا ؛ فذلك البعض الذي يؤمنون به ، وكان فرض عليهم أن لا يستعبدوا أحداً من بني إسرائيل / وفرض عليهم ألا يقتلوا أحداً ، ولا يخرجوا أحداً من ديارهم ، فحللوا القتل والإخراج ، ولم يحلوا ترك الفداء والإخراج من الديار ، ويؤمنون بالفداء وترك الاستعباد . يعني بذلك كله بني [ قينقاع وأعدائهم قريظة وبني ] النضير وكانت الخزرج حلفاء بني قينقاع ، والأوس حلفاء قريظة والنضير . وكان بين الأوس والخزرج عداوات وحروب ، وهم مشركون ، وبين بني قينقاع وقريظة والنضير عداوات وحروب ، فيعاون كل قوم حلفاءهم إذا تحاربوا . قوله : { وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ } . في موضع الحال ، والأكثر أن يكون على " أَسْرى " كقراءة حمزة ، كقتيل وقتلى ، وجريح وجرحى . ومن قال : { أُسَارَىٰ } شبهه بـ " سكارى " ، كما قالوا " سكرى " على التشبيه " بأسرى " ، فكل واحد مشبه بالآخر في بابه ، ولم يُجِز أبو حاتم " أسارى " . وإنما يقال " فَعْلاَن " فيما كان آفة تدخل على العقل كما قال سيبويه . والفتح في " سُكَارَى " الأصل ، والضم داخل عليه كأنه لغة ، ويقال أُسَرَاءُ كَظُرفَاءَ . وَفَرَّقَ أبو عمرو / بين أَسْرَى وأُسَارَى : فقال : " ما صار في أيديهم فهو أسارى كأنه آفة دخلت عليهم " كسَكْرَانَ " ، وما أتى مستأسراً فهم الأسرى . وواحد " الأسرى " و " الأسارى " أسير ؛ بمعنى مأسور ، كجريح وقتيل . / قوله : { وَهُوَ مُحَرَّمٌ } . هو راجع إلى الإخراج ، دل عليه : " تَخْرُجونَ " . وقيل : هو مجهول كناية عن الأمر أو الشأن . وقال بعض الكوفيين : " هو فاصلة " ، وذلك لا يجوز لأن حذفها يخل بالكلام ، والفاصلة يجوز / حذفها . قوله : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } . كفرهم هو قتل بعضهم بعضاً ومعاونة الأوس والخزرج لهم ، وهم يعلمون أن ذلك محرم عليهم . وإيمانهم هو أنهم افترض عليهم ألا يستعبدوا أحداً من بني إسرائيل وأن يفدوهم . وكانوا إذا فرغوا من الحرب فدوا من أسر منهم بعضهم [ من بعض ] . قوله : { إِلاَّ خِزْيٌ } . هو أخذ الجزية عن يد . وقيل : هو أخذ القاتل بمن قتل . وقيل : هو إجلاء رسول الله [ عليه السلام ] بني النضير عن ديارهم لأول الحشر إلى الشام . وقيل : هو قتل مقاتلة قريظة وسبي ذراريهم . وأصل الخزي الذل والصغار . وروي أن بني قينقاع من اليهود كانوا أعداء قريظة والنضير من اليهود ، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع ، والخزرج حلفاء قريظة والنضير . وقريظة / والنضير كانا أخوين من أهل الكتاب ، والأوس والخزرج أخوان افترقا ، وافترق أيضاً قريظة والنضير . فكانت النضير مع الخزرج وقريظة مع الأوس ، فإذا اقتتل الأوس والخزرج [ أعانت النضير الخزرج / وقريظة الأوس ] ، فقتل بعضهم بعضاً فعيرهم الله بذلك .