Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 132-135)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } إلى آخر السورة . أي : وأمر أهلك بالدوام على الصلاة ، واصطبر على القيام عليها والإتيان بها بحدودها . { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } أي : أن ترزق نفسك ولا ترزق أحداً من العباد . وكان عمر رضي الله عنه إذا قام من الليل صلى ، فإذا كان من السحر أيقظ أهله فقال : الصلاة الصلاة . وتأول هذه الآية ، وامر أهلك بالصلاة … الآية . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة ، أمرهم بالصلاة ثم قرأ { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } … الآية . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر يصلي . وقال صلى الله عليه وسلم في رواية عثمان بن عفان عنه : " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين غفر له " . قال محمد بن كعب : وكنت إذا سمعت الحديث طلبت تصديقه في كتاب الله عز وجل ، فطلبت تصديق هذا فوجدته في كتاب الله عز وجل في قوله : لنبيه { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } [ الفتح : 1 - 2 ] فجعل تمام النعمة أن غفر له ذنبه ، وقوله : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } [ المائدة : 6 ] إلى قوله : { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } [ المائدة : 6 ] فعلمت حين جعل تمام النعمة على النبي صلى الله عليه وسلم المغفرة أنها هنا ، مثل ذلك حين قال : وليتم نعمته عليكم فهو المغفرة . ثم قال : { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } . أي : والعاقبة الصالحة من عمل كل عامل لأهل التقوى . ثم قال تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ } . أي : وقال المشركون هلاّ يأتينا محمد بآية من ربه ، كما أتى صالح قومه بالناقة من ربه ، وعيسى بإحياء الموتى ، وإبراء الأكمه والأبرص . ثم قال الله تعالى جواباً لهم : { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } . أي : ما في الكتب التي قبل هذا الكتاب من أخبار الأمم من قبلهم التي أهلكناهم لما سألوا الآيات . فكفروا بها لما أتتهم كيف عجلنا لهم العذاب . فالمعنى : فما يؤمنهم إن أتتهم آية أن يكون حالهم كحال أولئك . قال مجاهد : { مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } : التوراة والإنجيل . وقال قتادة : { ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } الكتب التي خلت من الأمم التي يمشون في مساكنهم . ثم قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ } . أي : ولو أنا أهلكنا هؤلاء المشركين الذين يكذبون بهذا القرآن بعذاب من قبل ننزله عليهم . وقيل : من قبل أن نبعث داعياً يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم . فالهاء تعود على القرآن ، أو على النبي . ثم قال : { لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } . أي : لقالوا يوم القيامة إذا وردوا على الله تعالى ، فأراد عقابهم : ربنا هلاّ أرسلت إلينا رسولاً يدعونا إلى طاعتك فنتبع آياتك ، أي : حججك وأدلتك وأمرك ونهيك من قبل أن تذل بتعذيبك لنا ونخزي بها . روى الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يحتج على الله عز وجل يوم القيامة ثلاثة : الهالك في الفترة ، والمغلوب على عقله ، والصبي الصغير . فيقول المغلوب على عقله : لم يجعل لي عقلاً أنتفع به ، ويقول الهالك : لم يأتني رسول ولا نبي ، ولو أتاني لك رسول أو نبي لكنت أطوع خلقك لك ، وقرأ { لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } ويقول الصغير : كنت صغيراً لا أعقل قال فترفع لهم النار فيقال لهم ردوها . قال : فيردها من كان في علم الله أنه سعيد ، ويتلكأ عنها من كان في علم الله أنه شقي . فيقول : إياي عصيتم ، فكيف برسلي لو أتتكم " . ثم قال : { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ } . أي قل يا محمد : كلكم أيها المشركون متربص ، أي : منتظر دوائر الزمان ، فتربصوا ، أي : فترقبوا ، وانتظروا { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ } . أي : من أهل الطريق المعتدل المستقيم ، أنحن أم أنتم ؟ . { وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } . أي : وستعلمون حينئذ من المهتدي الذي هو على سنن الطريق القاصد ، غير الجائر عن قصده منا ومنكم . " ومن " استفهام في موضع رفع ، / لا يعمل فيها ستعلمون . وأجاز الفراء : أن تكون في موضع نصب بقوله : ستعلمون . بمنزلة { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ } [ البقرة : 220 ] . فإن جعلت " مَنْ " غير استفهام ، جاز أن يعمل فيها ما قبلها . وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري : " السَّوَّى " بتشديد الواو من غير همز على " فعلى " أراد السوأي . ثم سهل الهمزة على البدل والإدغام وأنثها لأن الصراط يؤنث ، والتذكير فيه أكثر .