Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } إلى قوله : { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } . معناه : دنا حساب الله للناس على أعمالهم ونقمته منهم { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } يعني : في الدنيا . روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " في غفلة في الدنيا " . وروي أن أصحاب النبي عليه السلام كان يقول بعضهم لبعض كل يوم ، ما الخبر ؟ . أي : ما حدث ؟ . فمر رجل برجل يبني حائطاً له ، فقال له : ما الخبر ؟ فقال : نزلت : " اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون " . فنزل وترك البناء ، فلم يبن ذلك الحائط بعدها . فالمعنى : قرب [ من الناس حسابهم ] وهم قد غفلوا عما يراد بهم من محاسبة ربهم لهم على أعمالهم . قال ابن عباس : " عنى بذلك الكفار " دليله ، قوله : ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون . ومعنى الآية ما يأتي الكفار . وقال ابن عباس : " اقترب للناس حسابهم " معناه : قرب عذابهم . قوله : { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ } . أي : ما يأتيهم من قرآن يذكرهم الله به ويعظمهم إلا استمعوه وهم يلعبون ، لا يعتبرون ولا يتفكرون في وعده ووعيده . ومعنى " محدث " أي : محدث عند النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يكن يعلمه فعلمه بإنزال جبريل صلى الله عليهما وسلم إياه عليه فهو محدث في علم النبي عليه السلام ومعرفته . غير محدث عند الله تعالى ذكره . وقد قيل : عني بذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكرهم ويعظهم فتذكيره لهم محدث على الحقيقة . وقال : { مِّن رَّبِّهِمْ } لأنه لا ينطق إلا بما يؤمر به ، قال تعالى ذكره : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [ النجم : 3 ] فالله أمره بوعظهم ، وتذكيرهم ، فلذلك قال : " من ربهم " . ثم قال : { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } . أي : غافلة ، لا يتدبرون حكمه ولا يتفكرون فيما أودعه كتابه . ثم قال تعالى : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } . أي : أسر هؤلاء الناس الذين اقترب حسابهم ، النجوى بينهم ، أي : أظهروا المناجاة بينهم ، فقالوا : هل محمد إلا بشر مثلكم ، وهو يزعم أنه رسول من عند الله إليكم . وقيل : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى } أي : قالوا ذلك سراً . وقال أبو عبيدة : " هو من الأضداد " . وقوله : { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأنبياء : 4 ] . الآية يدل على أنه بمعنى أخفوا . ثم قال : { أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } . زعموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ساحر ، وأن ما جاء به سحر . أي تقبلون ما جاءكم به وهو سحر وأنتم تبصرون أنه بشر مثلكم . وفي الضمير الذي أتى بلفظ الجمع في قوله تعالى : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } مع الكلام على موضع " الذين " من الإعراب ستة أقوال : الأول : أن يكون { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بدلاً من الواو في { وَأَسَرُّواْ } . فيكون التقدير : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } . والثاني : أن يكون { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } رفعاً بابتداء مضمر ، والتقدير : " هم الذين ظلموا " . والثالث : أن يكون { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } رفعاً بفعلهم . والتقدير : يقول الذين ظلموا هل هذا . والرابع : أن يكون { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } في موضع نصب بإضمار ، أعني . والخامس : أن يكون على لغة من جمع الفعل مقدماً ، كما حكي : أكلوني البراغيث ، وهو قول الأخفش . والسادس : أن يكون { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بدلاً من الناس أو نعتاً . كأنه قال : اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم . والوقف على { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى } حسن على القول الثاني والثالث والرابع .