Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى ذكره : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } إلى قوله : { لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } . قال مجاهد إن الله تعالى وجلّ ثناؤه غرس جنة عدن بيده ، ثم قال حين فرغ ، { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ … } الآيات ، ثم أغلقت فلم يدخلها إلا من شاء الله ، ولا تفتح إلا بالسحَر مرة ، ثم قرأ : قد أفلح المؤمنون . وعن ابن عباس أنه قال : خلق الله جنة عدن بيده ، فتكلمت فقالت : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ } / أي : قد سعد المصدقون وبقوا في الجنة . فالمعنى : قد بقي الذي صدقوا محمداً وما جاء به في النعيم الدائم ، وأصل الفلاح ، البقاء في الخير . ثم قال : { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ } . أي : هم متذللون لربهم إذا قاموا إلى صلاتهم . يقال أنهم خشعت قلوبهم ، فلا يعرف أحدهم من عن يمينه ولا من عن شماله ، وكان يستحب أن لا يجاوز المصلي ببصره موضع سجوده إلا بمكة ، فإنه يستحب أن ينظر إلى البيت ولم يوقت مالك في ذلك وكان يقال : نزلت أدباً لقوم كانوا يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء فنهوا عن ذلك . قال ابن سيرين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء في صلاته ، فلما أنزل الله هذه الآية ، جعل رسول الله وجهه حيث يسجد . وقال مجاهد والزهري : الخشوع : سكون الأطراف في الصلاة . وقال الحسن : خشوعهم في قلوبهم ، فغضوا بذلك البصر ، وخفضوا به الجناح . وقال علي بن أبي طالب : خشوع في القلب ، لا تلتفت في صَلاتك . وقال معمر عن الحسن : خاشعون " خائفون . وعن ابن عباس : خاشعون " ، خائفون ساكنون . وحقيقة الخاشع ، المنكسر قلبه إجلالاً لله ورهبة منه . وقال مالك : الخشوع في الصلاة : الإقبال عليها . والسكون فيها . ثم قال تعالى ذكره : { وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ } . أي : هم عن الباطل وما يكرهه الله معرضون . قال ابن عباس : عن الباطل . وقال الحسن : عن المعاصي . وقال ابن زيد : هم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كانوا عن اللغو [ معرضين ] . وقال الضحاك : اللغو : الشك . وقيل : الغناء . وروى مالك عن محمد بن المنكدر أنه قال : يقول الله جلّ ذكره يوم القيامة أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللغو ومزامير الشيطان ، أدخلوهم في رياض المسك ، ثم يقول للملائكة : أسمعوهم حمدي وثنائي علي وأخبروهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . وقال الضحاك : اللغو : الشرك بالله . " واللغو " في اللغة ، ما يجب أن يلغى ويطرح ويترك من اللعب والهزل والمعاصي . والمعنى ، والذين شغلهم الجد عن اللغو . ثم قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَـاةِ فَاعِلُونَ } . أي : مؤدون زكاة أموالهم ، فمدح الله مخرجي الزكاة ، وإن لم يخرجوا غيرها ، وذم الذين يكنزون الذهب والفضة ولا يزكون .