Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 1-6)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
/ قوله تعالى ذكره : { طسۤمۤ } ، إلى قوله { يَسْتَهْزِئُونَ } . قال ابن عباس : طَسِم : قسم ، أقسم الله جلّ ذكره به ، وهو من أسماء الله . وقال قتادة : هو اسم من أسماء القرآن ، فالتقدير على قول ابن عباس : والسميع إن هذه الآيات التي أنزلتها على محمد في هذه السورة ، آيات الكتاب التي أنزلتها من قبلها الذي يتبين لمن تدبره بفهم وفكر فيه . يعقل أنه من عند الله لم يتخرصه محمد ، ولا تقوله من عند نفسه والمعنى في { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } ، أي : هذه الآية التي كنتم وعدتم بها على لسان موسى ، لأنهم قد وعدوا في التوراة والإنجيل بإنزال القرآن . ثم قال تعالى : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } أي : لعلك قاتل نفسك يا محمد لأجل تأخرهم عن الإيمان بك . ثم قال تعالى : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً } ، أي : إن نشأ يا محمد ننزل عليهم لأجل تكذيبهم لك من السماء آية . { فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } ، أي : فظل القوم خاضعة أعناقهم لها . قال قتادة : معناه لو شاء الله لأنزل آية يذلون بها ، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله . قال ابن جريج : معناه لو شاء لأراهم أمراً من أمره ، لا يعمل أحد بعده بمعصية . وقيل : المعنى : لو نشاء لأنزلنا عليهم آية تلجئهم إلى الإيمان من غير أن يستحقوا على ذلك ثوابه ولا مدحاً ، لأنهم اضطروا إلى ذلك ، ولم يفعله الله بهم ليؤمنوا طوعاً . فيستحقوا على ذلك الثواب ، إذ لو آمنوا كرهاً بآية لم يستحقوا على ذلك الثواب . وقال مجاهد : أعناقهم : كبراؤهم . وقال أبو زيد والأخفش : أعناقهم : جماعاتهم ، يقال : جاءني عنق من الناس ، أي : جماعة ، ويقال : جاء في عنق من الناس أي : كبراؤهم . وهذا قول مجاهد . وقال عيسى بن عمر : خاضعين ، وخاضعة هنا واحد وهو اختيار المبرد . فمن قال : خاضعين رده على المضاف إليه . ومن قال : خاضعة رده على الأعناق لأنهم إذا ذلوا ذلت رقابهم ، وإذا ذلت رقابهم ذلوا . ثم قال تعالى ذكره { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ } ، أي : ما يأتي هؤلاء المشركين من تذكير يحدثه الله إليك ، ويوحيه إليك إلا أعرضوا عنه ولم يسمعوه ، فهو محدث عند النبي عليه السلام ، وعند من نزل عليه ، وليس بمحدث في الأصل إنما سمي محدثاً لحدوثه عند من لم يكن يعلمه ، فأنزل الله إياه ، وهو غير محدث لأنه كلام الله ، صفة من صفاته ، ولو كان القرآن محدثاً لكانت الأخبار التي فيه لم يعملها الله حتى حدثت تعالى الله عن ذلك . ولو كان محدثاً لكان قوله : { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ آل عمران : 18 ] الآية ، و { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ الإخلاص : 1 ] السورة محدثاً فيكون التوحيد لله محدثاً ، وتكون صفاته التي أخبرنا بها في القرآن محدثة ؛ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . ثم قال تعالى ذكره : { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } ، أي : كذبوا بالذكر الذي أتاهم فسيأتيهم أخبار ما قد كذبوا به واستهزءوا منه ، وهذا تهديد من الله لهم أنه سيحل بهم العقوبة على تماديهم على تكذيبهم وكفرهم وإنما أخبر عنهم بالكذب ، لأنه أخبر عنهم بالإعراض عن القرآن ، ومن أعرض عن شيء فقد تركه ، ومن ترك قبول شيء فقد كذب به ، فلذلك أخبر عنهم بالتكذيب . وهذا من التدريج والإيماء ، ودل قوله : { مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } ، أن من كذب بشيء فقد استهزأ به ، واستخف به .