Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 224-227)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى ذكره : { وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } ، إلى آخر السورة . أي : الشعراء يتبعهم أهل الغي ، لا أهل الرشد . قال ابن عباس : الغاوون : رواه الشعر . وقال مجاهد ، وقتادة هم الشياطين . وقال عكرمة ، هم عصاة الجن . وقيل : هم السفهاء . وعن ابن عباس : أنها نزلت في رجلين : أحدهما من الأنصار ، والآخر من غيرهم ، تهاجيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه . أي : سفهاء . وكذلك قال الضحاك . وقيل : الغاوون : ضلال الجن والإنس . وقال ابن زيد : الغاوون : المشركون ، والشعراء هنا : شعراء ، لأن الغاوون لا يتبع إلا غاوياً مثله . قال الطبري : هم شعراء المشركين ، يتبعهم غواة الناس ، ومردة الشياطين ، وعصاة الجن . ثم قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } . هذا مثل ومعناه : أنهم في كل فن من القول الباطل يذهبون ، يمدحون هذا بما ليس فيه ، ويذمون هذا بما ليس فيه ، فهم يذهبون ، كالهائم على وجهه ، قال ابن عباس : معناه في كل لغو يخوضون . ثم قال : { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } ، أي : يكذبون ، ثم قال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ، . فهذا الاستثناء يدل على أن الأول في المشركين نزل والسورة مكية إلا هذه الآيات نزلت بالمدينة في : حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة . وهم شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هي لكل من كان مثلهم . هذا قول ابن عباس ، وأدخل الضحاك هذه الآيات في الناسخ والمنسوخ . فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ، نسخت ما قبلها . والصحيح أنه استثناء ، والاستثناء عند سيبويه بمنزلة التوكيد لأنه يبين به كما يبين بالتوكيد . قال قتادة : قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } الآية ، نزلت في حسان ، وكعب بن مالك ، وعبد الله الأنصاري الذين هاجوا عن النبي صلى الله عليه وسلم . ثم قال تعالى : { وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } ، أي : ذكروه في حال كلامهم ، ومحاورتهم ومخاطبتهم الناس / قاله ابن عباس . وقال ابن زيد : وذكروا الله كثيراً في شعرهم . وقيل المعنى : لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله . إنما ناضلوا من كذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أحق الناس بالهجاء { وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } ، أي : هجوا من هجاهم ، من شعراء المشركين ، وجاوبوهم عن هجائهم . قال ابن عباس : يردون على الكفار الذين هجوا المسلمين . قال سالم مولى تميم الداري : لما نزلت : { وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } الثلاث الآيات : جاء حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يبكون فقالوا : قد علم الله حين أنزل هذه الآيات أنا شعراء ، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ، إلى { ظُلِمُواْ } . وقال : أنتم . ثم قال تعالى : { وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } ، يعنى مشركي مكة ، الذين ظلموا أنفسهم بشركهم بالله ، سيعلمون أي : مرجع يرجعون ، وأي : معاد يعودون بعد مماتهم ، وأي منصوب ينقلبون على المصدر ، وليس بمفعول به ، لأن " ينفعل " لا يتعدى : نحو : ينطلق ، فإنما نصبه على أنه نعت لمصدر محذوف عمل ما فيه { يَنقَلِبُونَ } ، ولا ينتصب " سيعلم " لأن " سيعلم " خبر ، أو " أي " استفهام ولا يعمل ما قبل الاستفهام فيه .