Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 123-123)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ … } . هذا تذكير من الله لنبيه عليه السلام وللمؤمنين بنصره لهم في بدر ، فالمعنى : فكذلك ينصركم فيما بقي . ومعنى { أَذِلَّةٌ } : قليلون ، فقد نصركم الله وأنتم قليلون فهو إلى نصركم وأنتم كثيرون أقرب ، وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر ، ويوم أحد ثلاثة آلاف ويوم حنين اثني عشر ألفاً . وكانت بدر في سبع عشرة ليلة خلت من رمضان لثمانية عشر [ شهراً ] من الهجرة بعد تحويل القبلة بشهرين ، كذلك رواه مالك وكانت أحد على رأس واحد وثلاثين شهراً من مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في شوال يوم السبت للنصف من شوال من سنة ثلاث . قال مالك : فقتل من المهاجرين يوم أحد أربعة ومن الأنصار سبعون . قال مالك : " بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - يوم أحد كسرت رباعيته وأصيبت وجنته ، وجرح في وجهه وتهشمت البيضة على رأسه وأنه أتى بماء في جحفة فكان يغسل به عنه الدم ، وأحرق له حصير فأتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اشتد غضب [ الله ] على قوم أدموا وجه رسوله " فأنزل الله { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } الآية " . وقال أنس : كان يمسح الدم عن وجهه ويقول : " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم ، وهو يدعوهم إلى ربهم " فأنزل { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } . قال أبو سعيد الخدري : " رمى عتبة بن أبي وقاص يومئذ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فكسرت رباعيته اليمنى وجرح شفته السفلى ، وأن عبد الله بن شهاب شجه في جبهته ، وأن ابن قميئة جرح وجنته ، ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ، ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون ، وأخذ علي بن أبي طالب بيده ورفعه طلحة حتى استوى قائماً ، ومص مالك بن سنان ، ابو أبي سعيد الخدري الدم عن وجهه ثم ازدرده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من مس دمه دمي لا تصيبه النار " " . وسمي الموضع بدراً لأنه كان لرجل يسمى بدراً ، فسمي الموضع باسم صاحبه . وقيل : كان هناك بير يسمى صاحبه بدراً ، فسمي الموضع باسم صاحب البير ، وقيل هو اسم للموضع وهي قرية بين المدينة والجار ، وهو أول قتال قاتله النبي عليه السلام ، اجتمع فيه مع المشركين على غير تواعد . وقوله : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : قد كنتم قليلين فنصرتم بلزومكم الطاعة ، وقد نزل بكم ما نزل يوم أحد وأنتم كثرة ، وذلك لمخالفتكم لأمر نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو ما فعل الرماة جعل الله عز وجل " ما أصيب من المشركين يوم أحد عقوبة لما فعل الرماة ، إذ عهد إليهم النبي عليه السلام ألا يبرحوا من مكانهم فمضوا للنهب وظنوا أن المشركين قد فرغ منهم ، وقد كان قال لهم النبي عليه السلام : " لا تبرحوا ، فلن يزال النصر لنا ما ثبتم في مكانكم " فلما رأوا المشركين قد انهزموا اطمأنوا وزالوا من مكانهم طمعاً في النهب فرجعت الهزيمة على المسلمين ، فأصيب خلق كثير كل ذلك بذنوب الرماة ومخالفتهم ما أمر به نبيهم صلى الله عليه وسلم فذلك قوله : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : لا تعصوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمره لكم .