Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 124-125)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ } . إذ متعلقة بتشكرون . والمعنى : ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة إذ تقول للمؤمنين : ألن يكفيكم ، وذلك كله يوم بدر ، وذلك أن المسلمين حُدِّثوا أن كرز بن جابر الحارثي يمد المشركين فاغتموا لذلك ، فقيل لهم { أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ } على عدوكم { وَتَتَّقُواْ } أمر دينكم { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } ثم لم يأت كرز ، ولم يمددهم الله بخمسة آلاف . وقال أبو أسيد مالك بن ربيعة وكان شاهد بدر وقد ذهب بصره : لو كنت معكم اليوم [ ببدر ] ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة ، فعلى هذا يكون الله قد أمدهم وفعل بهم ما وعدهم به . وقال ابن عباس : حدثني رجل من بني غفار قال : أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف على بدر ، ونحن مشركان ننتظر الواقعة على من تكون . قال : فبينما نحن على الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل ، فسمعت قائلاً يقول : أقدم حيزوم قال : أما ابن عمي فأكشف قناع قلبه فمات مكانه ، أما أنا فكدت أهلك ، وتماسكت . وقال ابن عباس : لم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم بدر وإنما كانوا في غيره من الأيام عدداً ومدداً لا يضربون . وحكى أبو داود المازني وكان شهد بدراً قال : إني لأتبع رجلاً من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري . وحكى ابن عباس عن أبي رافع أنه قال : كنت أسلمت مع العباس بمكة ، وكان العباس يكتم إسلامه ، وكان قد خرج مع القوم وكنت أجلس في حجرة زمزم أنحت القداح ، فوصل إلينا خبر أهل بدر وما نزل بهم ، فسرنا ، فدخل أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة ، ظهره إلى ظهري فبينما هو جالس إذ قال الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب قد قدم فقال أبو لهب : هلم يا ابن أخي فعندك الخبر ، فجلس إليه ، والناس قيام عليه ، فقال له : أخبرني كيف كان أمر الناس ؟ قال : لا شيء ، والله إن كان إلا أن لقيناهم ، فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ، ويأسروننا كيف شاؤوا ! لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلق بين السماء والأرض ، وما تلين شيئاً ، وما يقوم لها شيء ، قال أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة . ثم قلت : تلك الملائكة . قال ابن عباس : " أسر أبو اليسر كعبُ بنُ عمرو العباسَ وكان أبو اليسر رجلاً مجموا وكان العباس رجلاً جسيماً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أسرت العباس ؟ فقال : يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ، ولا بعده هيأته كذا وكذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد أعانك عليه والله ملك كريم " . وقيل : إن قوله : { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ } وما بعده في قصة يوم أحد هو كله وإنما وعدوا يوم بدر بأن يمدهم الله بألف من الملائكة مردفين . قال قتادة : قوله : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } أي : قليلون . ثم رجع إلى قصة أحد فقال : إذ تقول للمؤمنين الآيات ووعد الله [ تعالى ] المؤمنين يوم أحد أنهم إن صبروا واتقوا بعد هذا اليوم أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ففروا يوم أحد ، ولم يتقوا النبي صلى الله عليه وسلم [ في أمره ، فلم يمدهم بشيء . وقال ابن زيد : " سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ] فقالوا يا رسول الله : هل يمدنا كما أمدنا يوم بدر ؟ وذلك يوم أحد ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : { أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } " قال الشعبي وغيره : وعدهم بخمسة آلاف ، إن جاءوا من ذلك الفور . فلم يجيئوا ولم يمدهم بخمسة آلاف وأمدهم يوم بدر بألف من الملائكة مردفين ، يوم أحد بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين فهم أربعة آلاف وهم اليوم في جنود المسلمين . ومعنى { مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا } أي : من وجههم هذا . وقيل : من غضبهم هذا لأنهم غضبوا يوم بدر . واستدل من قال أنه تعالى قد أمدهم بقوله : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } . وقال مجاهد : معنى مسومين " معلَّمين مجززة أذناب خيلهم ونواصيها [ فيها ] الصوف العهن ، وذلك التسويم . وقال قتادة : ذكر لنا أن سيماهم يومئذ الصوف بنواصي خيلهم وأذنابها وأنهم كانوا على خيل بلق وقد سوم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالصوف . وقيل : نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق عليها عمائم صفر ، وكذلك كانت عمامة الزبير . وهذا كله يوم بدر ، على كسر الواو لأنها سومت أنفسها ، ومن فتح أضاف تسويمها إلى الله [ تعالى ذكره . ومن فتح الواو أيضاً احتج بقوله { مُنزَلِينَ } بإضافة النزول إلى الله ] سبحانه فكذلك التسوم ، كانوا أنزلوا مسومين . وقيل : معنى مسومين : مرسلين من سومت الخيل : أرسلتها إلى السائمة . وحكى بعض النحويين سوم الرجل غلامه أرسله ، وخلا سبيله فيكون المعنى على هذا مرسلين إلى الكفار وكذلك ( قال ) الأخفش معناه : مرسلين . وأكثر الناس على أن معنى مسومين معلمين : من السومة . وقال مجاهد : لم تقاتل الملائكة يوم بدر ، وقال : مسومين معلمين بالصوف في أذناب خيلهم .