Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 159-159)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ } الآية . هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : فبرحمة من الله لنت للمؤمنين حتى آمنوا بك فسهلت عليهم الأمر ، وبينت لهم الحجج ، وحسنت خلقك ، وصبرت على الأذى { وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ } أي : لتركوك { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } أي : تجاوز عنهم ، واصفح فيما نالك منهم ، ثم قال : { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ } أي : ادع ربك لهم بالمغفرة . وقوله { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أَمَر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه عند الحرب ولقاء العدو ، وتطييباً لأنفسهم ، وتأليفاً لهم على دينهم . قال أبو اسحاق : { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } معناه : ليريهم أنه يستعين بهم ، ويسمع من آرائهم ، فيكون أطيب لأنفسهم وقد كان عنهم غنياً لتوفيق الله عز وجل له بالوحي . وقيل : إنما أمره بذلك لما فيه من الفضل وليتأسى أمته صلى الله عليه وسلم بذلك بعده . روى ابن وهب أن مالكاً قال : ما تشاور قوم قط إلا هُدوا . " وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحزم فقال " تستشيروا الرجل ذا الرأي ثم تمضي إلى ما أمرك به " ويقال : ما هلك امرؤ عن مشورة ، ولا سعد بتوحيد رأي . وقال النبي عليه السلام " المستشار بالخيار ما لم يتكلم ، فإذا تكلم فحق عليه أن ينصح " . قال الحسن والله ما تشاور [ قوم ] قط بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم . قال أبو هريرة رضي الله عنه : ما رأيت من الناس أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن شهاب : بلغني أن عمر بن الخطاب قال : واستشر في أمرك الذين يخشون الله . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما شقي عبد بمشورة ولا سعد عبد باستغناء رأي " . وقال الشعبي : مكتوب في التوراة من لم يستشر يندم . أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار " . وقال ابن عباس : { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } أبو بكر وعمر رضي الله عنه . وقيل : إنما أمر أن يشاورهم فيما لم يكن عنده علم فيه وحي لأنه قد يكون عند بعضهم فيه علم ، والناس قد يعرفون من أمور الدنيا ما لا تعرف الأنبياء صلوات الله عليهم . { فَإِذَا عَزَمْتَ } أي : إذا ثبت الرأي على أمر { فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } فيه ، وامض فيه ، إن الله يحب من يتوكل عليه ويفوض الأمر إليه .