Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 86-86)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } الآية . قال ابن عباس : كان رجل من الأنصار أسلم ، ثم ارتد ، وهو الحارث بن سويد فأرسل إلى قومه أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم : هل لي من توبة ؟ فأنزل الله عز وجل { كَيْفَ يَهْدِي [ ٱللَّهُ ] قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } ثم أنزل الله { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فأرسل إليه قومه وأسلم . وقال مجاهد : نزلت الآيتان بعد ارتداد الحارث بن سويد فحملهما إليه رجل فقرأ عليه الآية الأولى ثم قرأ عليه الآية { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } الآية فقال الحارث : إنك - والله ما علمت - لصدوق ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق منك . وإن الله سبحانه لأصدق الثلاثة ثم رجع فأسلم وحسن إسلامه . قال السدي : نزلت في الحارث بن سويد حين ارتد ثم نسخها الله بقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } . وروي أنه كان يظهر الإسلام فلما كان يوم أحد قتل المجذر بن زياد بدم كان له عليه ، وقتل قيس بن زيد ، وارتد ولحق بمشرك ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر أن يقتله إن ظفر به ، ففاته ، ثم بعث إلى أخيه من مكة يطلب التوبة ، فأنزل الله عز وجل { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ } الآيتين . وقال كثير من المفسرين : إنما نزلت في اليهود لأنهم وجدوا في التوراة إن الله جل ذكره ناجى موسى عليه السلام وكان في مناجاته " يا أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني ، ورحمتكم قبل أن تسترحموني ، فقال موسى عليه السلام : جعلت وفادتي لغيري " ، وذلك قوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } [ القصص : 46 ] " أي : إذ ناجينا موسى بهذا أن : يا أمة محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني إلى آخر القصة . وقيل : نزلت في قوم ارتدوا . وقيل : نزلت في أهل الكتاب لأنهم عرفوا محمداً صلى الله عليه وسلم وصفته ، ثم كفروا به عن علم بصحة نبوته . وقال القرظي : [ كان ] ناس من أهل مكة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا ، فمكثوا ما شاء الله في المدينة ، ثم خرجوا وارتدوا ولحقوا بالمشركين فأنزل الله ذلك فيهم ثم تعطف عليهم فأنزل الله { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } الآية . قوله : { وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } : معطوف على الفعل الذي تضمنه المصدر وهو إيمانهم ، تقديره بعد أن آمنوا وشهدوا ولا يجوز عطفه على { كَفَرُواْ } لفساد المعنى . وقال الحسن : هم اليهود والنصارى عرفوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم وشهدوا أنه حق قبل مبعثه فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك وكذبوه وأنكروا حسداً وبغياً ، وقلوبهم تشهد أنهم مبطلون في ذلك .