Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 97-97)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ … } الآية . هي : مقام إبراهيم ، والمشعر الحرام { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } . وقال مجاهد : مقام إبراهيم الحرم كله ، وهي آيات كثيرة . منها : الصفا والمروة والركن والحطيم والملتزم والحجر وغير ذلك ، ومنها : أن الطائر لا يعلو البيت صحيحاً ويعلوه مريضاً للتشفي [ به ] ومنها : أن الجارح يتبع الصيد فإذا دخل الحرم تركه . ومنها : أن الغيث إذا كان من ناحية الركن اليماني كان الخصب باليمن ، وإذا كان من ناحية الشامي كان الخصب بالشامي ، والعراقي كذلك ، وإن عم الأركان عم الخصب الدنيا . ومنها : أن الجمار تزداد فيه كل عام لا يحصى كثرة وهي ترى على قدر واحد . وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى . وعلى هذا القول يكون { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } خبر مبتدأ . وقد قرأ " فيه آيات بينة " على أنها المقام الموجود الساعة ويكون أيضاً ما بعد مبتدأ . ومعنى : { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } كان أهل الجاهلية من جنى منهم جناية ثم لجأ إلى حرم الله لم يطلب ، ولم ينتصف وأما في الإسلام فليس يمنع من حدود الله عز وجل مانع . وعن يحيى بن جعدة { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } قيل : كان آمناً من النار . وأهل التفسير على أن المعنى : ومن دخله فاراً من غيره مستجيراً به أمن ممن يطلبه . وقيل : [ المقام ] هو الحجر الذي فيه أثر رجلي إبراهيم عليه السلام . وروي أن الله عز وجل أمره أن يؤذن بالحج كما قال تعالى : { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ } [ الحج : 27 ] فوقف على المقام وهو الحجر ، فأعطاه الله في صوته ما يسمعه كل من في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، وأعطاه من القوة حتى رسخت رجلاه مقر الحجر فنادى يا عباد الله ، أجيبوا داعي الله ، والحج إلى بيته الحرام يخرجكم من النار ، ويسكنكم الجنة " فالناس اليوم يلبون دعوة إبراهيم فمن أجابه مرة حج مرة ومن أجابه مرتين حج مرتين ، وكذلك ( أكثر ) من ذلك . قوله : { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً … } . هذا فرض من الله واجب علينا مع وجود الاستطاعة . قال ابن الخطاب وابن عباس رضي الله عنه : الاستطاعة : الزاد والراحلة ، وهو قول ابن جبير والحسن . وعن ابن عباس : من ملك ثلاثمائة درهم فهو السبيل . وقال الضحاك : إن قدر [ أن ] يؤاجر نفسه ويمشي فهو مستطيع . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " السبيل الزاد والراحلة " . وعن علي رضي الله عنه أنه قال : من ملك زاداً وراحلة يبلغانه إلى بيت الله عز وجل فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً . وقال عكرمة : السبيل : الصحة . وقال ابن زيد : السبيل القوة في النفقة والجسم والحملان . وقيل السبيل الطاقة بأي وجه : وهو اختيار ( الطبري ) وجماعة من العلماء ، وهو مذهب مالك وأصحابه . والهاء في " إليه " تعود على البيت " وقيل على الحج " . قوله : { وَمَن كَفَرَ } أي : من لم يحج وهو يقدر عليه . وقيل : معناه من لزمه فرض الحج فأنكره فإن الله غني عن حجه . وقال ابن عباس : من كفر من قال الحج ليس بفرض . وقيل : معناه من اعتقد أنه لا أجر له في سعيه وحجه ، ولا إثم عليه في تأخيره قاله مجاهد . " وسأل رجل من هذيل النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا نبي الله من تركه كفر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من تركه لا يخاف عقوبته ، ومن حج لا يرجو ثوابه فهو ذلك " أي : كافر . وعن مجاهد أيضاً أنه قال : معنى : { وَمَن كَفَرَ } أي : وكفر بالله واليوم الآخر ، ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الناس عند نزول فرض الحج ، وخطبهم وأمرهم بالحج وأنه فرض عليهم . فحج البيت هو ملة واحدة وهي : من آمن بالله ، وتركه خمس ملل ، وهم الذين لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل عز وجل : { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ } . وعن ابن عباس أنه قال لما نزلت : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ دِيناً } الآية ، قالت : الملل كلها نحن مسلمون فأنزل الله { وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ } فحج المؤمنون وقعد الكافرون " . قال ابن زيد معناه ومن كفر بهذه الآية يعني التي تقدم ذكرها وهي : مقام إبراهيم { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } . قال عطاء : { وَمَن كَفَرَ } بالبيت . وقال السدي : { وَمَن كَفَرَ } معناه : من وجد ما يحج به ثم لم يحج فهو كافر . ويروى عن عمر أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى الأمصار فينظرون إلى كل رجل لم يحج وهو واجد فيضربون عليه الجزية ما هم بمسلمين . وعنه أنه قال : لو أن ناساً تركوا الحج لقاتلناهم عليه كما قاتلناهم على الصلاة والزكاة . واختار بعضهم أن يكون المعنى : ومن كفر فأنكر فرض الله ووجوبه .