Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 27-30)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى [ ذكره ] : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ } إلى آخر السورة . أَلَم يرَ هؤلاء المكذبون بالبعث [ بعد الموت ] أنا بقدرتنا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها / . وأصل الجِّرزِ من قولهم : رجل جَرُوزٌ ، إذا كان لا يُبقي شيئاً إلا أكله . وحكى الفراء وغيره فيه أربع لغات : أرض جُرْزٌ ، وَجُرْزٌ وَجَرَزٌ وَجَرْزٌ ، وكذلك حكوا في البُخل والرُّعب والرُّهب ، هذه الأربع على أربع لغات ، قال ابن عباس : هي أرض باليمن . يروى أنه ليس فيها أنهار وأنها بعيدة من البحر يأتها كل عام واديان عظيمان بسيل عظيم من حيث لا يعلمون فيزرعون عليه ثلاث مرات في السنة . وقال مجاهد : هي أَبْين . وقال عكرمة : هي الظَّمأى . وقال ابن عباس : الجرز : التي لا تمطر إلا مطراً لا يغني عنها شيئاً . وقال الضحاك : هي الميتة العطشى . وقال أهل اللغة : هي التي لا نبات فيها . ثم قال [ تعالى ] { فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً } أي : بالماء . { تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ } أي : ترعاه مواشيهم ، ويأكلون منه هم . وقوله : { وَأَنفُسُهُمْ } أي : وهم يأكلون منه . والنفس يراد بها جملة الشيء وحقيقته ، ومنه قوله تعالى { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } [ المائدة : 116 ] ، أي : تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم . وتكون النفس الجزء من الإنسان كقولك [ خرجت ] نفسه . ثم قال : { أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } أي : أفلا يرون ذلك بأعينهم فيعلمون أن من قدر على ذلك هو قادر على إحيائهم بعد موتهم . ثم قال [ تعالى ] : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . أي : يقول لك يا محمد هؤلاء المشركون : متى يجيئ هذا الحكم بيننا وبينك ، أي : متى يكون هذا الثواب والعقاب . قال قتادة : قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : إن لنا يوماً يوشك أن نستريح فيه ونتنعم ، فقال المشركون : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } . وقال القتبي : يعني بذلك فتح مكة . وقال مجاهد وغيره : هو يوم القيامة . وقوله تعالى [ ذكره ] : { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ } يدل على أنه يوم القيامة لأنه قد نفع من آمن من الكفار إيمانهم يوم فتح مكة . وروي أن المؤمنين قالوا : سيحكم الله بيننا يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء ، فقال الكفار على التهزي : متى هذا الفتح ؟ ، أي : هذا الحكم . يقال للحاكم فاتح وفتاح لأن الأحكام تنفتح على يديه . وفي القرآن : { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } [ الأعراف : 89 ] أي احكم . ثم قال تعالى : { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ } أي : قل لهم يا محمد : يوم الفتح لا ينفع من كفر بالله وآياته إيمانه في ذلك الوقت ، وذلك يوم القيامة . قال ابن زيد " يوم الفتح " ، أي : إذا جاء العذاب . وقوله : { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي : يؤخرون للتوبة / والرجوع إلى الدنيا . ثم قال تعالى : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي : عن هؤلاء المشركين . وهذا منسوخ نسخة آية السيف قوله جل ذكره { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] الآية ، قاله ابن عباس وغيره . ثم قال : { وَٱنتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ } أي : انتظر ما الله صانع بهم . إنهم منتظرون ما تعدهم من العذاب ومجيئ الساعة .